وعن سعيد بن جبير : أوحى إليه : (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى) (١) إلى قوله : (وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ) (٢).
وقيل : أوحى إليه أنّ الجنّة محرّمة على الأنبياء حتّى تدخلها أنت ، وعلى الأمم حتّى تدخلها أمّتك.
وقيل : الضمائر كلّها لله تعالى. وهو المعنيّ بـ «شديد القوى» كما في قوله : (هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) (٣). ودنوّه منه برفع مكانته ، وتدلّيه جذبه بشراشره إلى جناب القدس.
وقيل : أوحى إليه سرّا بسرّ. وفي ذلك يقول القائل :
بين المحبّين سرّ ليس يفشيه |
|
قول ولا قلم للخلق يحكيه |
(ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى (١١) أَفَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى (١٢) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى (١٣) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى (١٤) عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى (١٥) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى (١٦) ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى (١٧) لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى (١٨))
ثمّ بيّن سبحانه ما رآه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ليلة الإسراء ، وحقّق ما رأى فيها بقوله : (ما كَذَبَ الْفُؤادُ) فؤاد محمّد (ما رَأى) ما يبصره من صورة جبرئيل. والمعنى : ما قال فؤاده لما رآه : لم أعرفك. ولو قال ذلك لكان كاذبا ، لأنّه عرفه بقلبه كما رآه
__________________
(١) الضحى : ٦.
(٢) الانشراح : ٤.
(٣) الذاريات : ٥٨.