أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى (٢٣))
ولمّا قصّ الله سبحانه هذه الأقاصيص ، عقّبها بمخاطبة المشركين ، فقال : (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى) هي أصنام كانت لهم. وهي مؤنّثات.
فاللات كانت لثقيف بالطائف ، أو لقريش بنخلة تعبدها. وهي فعلة من : لوى ، لأنّهم كانوا يلوون عليها ويعكفون للعبادة ، أو يلتوون عليها ، أي : يطوفون. وقرأ رويس عن يعقوب بتشديد التاء ، على أنّها على صورة رجل كان يلتّ (١) السويق بالسمن ويطعمه الحاجّ. وعن مجاهد : كان رجل يلتّ السويق بالطائف ، وكانوا يعكفون على قبره ، فجعلوه وثنا.
والعزّى : سمرة (٢) لغطفان كانوا يعبدونها. وأصلها تأنيث الأعزّ.
فبعث إليها رسول الله خالد بن الوليد فقطعها ، فخرجت منها شيطانة ناشرة شعرها ، داعية ويلها ، واضعة يدها على رأسها ، فجعل يضربها بالسيف حتّى قتلها ، وهو يقول :
يا عزّ كفرانك لا سبحانك |
|
إنّي رأيت الله قد أهانك |
ورجع فأخبر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال ، تلك العزّى ولن تعبد أبدا.
ومناة صخرة كانت لهذيل وخزاعة. وعن ابن عبّاس : لثقيف. وهي فعلة من : مناه إذا قطعه ، فإنّهم كانوا يذبحون عندها القرابين. وكأنّها سمّيت مناة لأنّ دماء النسائك كانت تمنى عندها ، أي : تراق. ومنه : منى. وقرأ ابن كثير : مناءة بالمدّ والهمزة. وهي مفعلة من النوء ، كأنّهم كانوا يستمطرون عندها الأنواء تبرّكا بها.
__________________
(١) لتّ السويق : بلّه بشيء من الماء أو خلطه بالسمن.
(٢) السمرة : شجرة من العضاه ، وليس في العضاه أجود خشبا منه.