كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ) (١). كأنّه قال : كبائر الإثم غير اللمم.
(إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ) حيث يكفّر الصغائر باجتناب الكبائر ، والكبائر بالتوبة. أوله أن يغفر ما شاء من الذنوب صغيرها وكبيرها. ولعلّه عقّب به وعيد المسيئين ووعد المحسنين ، لئلّا ييأس صاحب الكبيرة من رحمته ، ولا يتوهّم وجوب العقاب على الله.
(هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ) أعلم بأحوالكم منكم (إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ) خلقكم منها عند تناول الأغذية المخصوصة الّتي خلقها من الأرض ، فكأنّه سبحانه أنشأهم منها (وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ) أي : علم أحوالكم ومصارف أموركم حين ابتدأ خلقكم من التراب بخلق آدم ، وحينما صوّركم في الأرحام.
(فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ) فلا تنسبوها إلى زكاء العمل وزيادة الخير والطاعات ، أو إلى الزكاء والطهارة من المعاصي والرذائل ، ولا تثنوا عليها بزكاها (هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى) فإنّه يعلم التقيّ وغيره منكم قبل أن يخرجكم من صلب آدم ، وقبل أن تخرجوا من بطون أمّهاتكم.
قيل : كان الناس يعملون أعمالا حسنة ثم يقولون : صلاتنا وصيامنا وحجّنا ، فنزلت هذه الآية. وهذا إذا كان على سبيل الإعجاب أو الرياء. وأمّا من اعتقد أنّ ما عمله من العمل الصالح بتوفيق الله وتأييده ، ولم يقصد به التمدّح ، لم يكن من المزكّين أنفسهم ، لأنّ المسرّة بالطاعة طاعة وذكرها شكر.
(أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى (٣٣) وَأَعْطى قَلِيلاً وَأَكْدى (٣٤) أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرى (٣٥) أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِما فِي صُحُفِ مُوسى (٣٦) وَإِبْراهِيمَ
__________________
(١) الأنبياء : ٢٢.