أَرادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ سُبْحانَهُ هُوَ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ (٤) خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (٥))
واعلم أنّه سبحانه لمّا ختم سورة «ص» بذكر القرآن ، افتتح هذه السورة أيضا بذكره ، فقال :
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ تَنْزِيلُ الْكِتابِ) خبر محذوف. أو مبتدأ ، خبره (مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) وهو على الأوّل صلة التنزيل ، كما تقول : نزل من عند الله.
أو خبر ثان ، تقديره : هذا تنزيل الكتاب ، هذا من الله. أو حال من التنزيل عمل فيها معنى الإشارة. والظاهر أنّ الكتاب على الأوّل السورة. والمعنى : هذا إنزال السورة على محمّد شيئا فشيئا. وعلى الثاني القرآن ، أي : إنزال القرآن على التدريج من الله المتعالي عن المثل والشبه ، الحكيم في أفعاله وأقواله. وصف نفسه هنا بالعزّة تحذيرا من مخالفة كتابه ، وبالحكمة إعلاما بأنّه يحفظه حتّى يصل إلى المكلّفين من غير تغيير لشيء منه.
(إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِ) ملتبسا بالأمر الحقّ ، أي : بالدين الصحيح.
أو بسبب إثبات الحقّ وإظهاره وتفصيله.
(فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصاً) ممحّضا (لَهُ الدِّينَ) من الشرك ، بالتوحيد وتصفية السرّ. وتقديم الجارّ لتأكيد الاختصاص المستفاد من اللام ، كما في قوله : (أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ) أي : ألا هو الّذي وجب اختصاصه بأن يخلص له الطاعة ، فإنّه المتفرّد بصفات الألوهيّة ، والاطّلاع على الأسرار والضمائر.
(وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ) يحتمل المتّخذين ، وهم الكفرة. والضمير راجع إلى الموصول. والمتّخذين ، وهم الملائكة وعيسى والأصنام. والضمير راجع