إلى المشركين. ولم يجر ذكرهم لدلالة الميثاق عليهم. والراجع إلى «الّذين» محذوف. والمعنى : والّذين اتّخذهم المشركون أولياء.
وعلى الأوّل الموصول مبتدأ ، خبره (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) بإضمار القول ، أو (إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ) وهو متعيّن على الثاني. وعلى هذا يكون القول المضمر بما في حيّزه حالا ، أي : قائلين ذلك. أو بدلا من الصلة ، فلا يكون له محلّ من الإعراب ، كما أنّ المبدل منه كذلك.
(فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) من الدين ، بإدخال المحقّين الجنّة ، والمبطلين النار ، مع الحجارة الّتي نحتوها وعبدوها من دون الله ، فيعذّبهم بها حيث يجعلهم وإيّاها حصب جهنّم. والضمير للكفرة ومقابليهم ، أعني : المسلمين. وقيل : لهم ولمعبوديهم ، فإنّهم يرجون شفاعتهم وهم يلعنونهم.
وقيل : كان المسلمون إذا قالوا لهم : من خلق السماوات والأرض؟ أقرّوا وقالوا : الله. فإذا قالوا لهم : فما لكم تعبدون الأصنام؟ قالوا : ما نعبدهم إلّا ليقرّبونا إلى الله زلفى. فالضمير في «بينهم» عائد إليهم وإلى المسلمين. والمعنى : أنّ الله يحكم يوم القيامة بين المتنازعين من الفريقين.
(إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ) على الله وعلى رسوله (كَفَّارٌ) جاحد للوحدانيّة عنادا ولجاجا. والمراد بمنع الهداية : منع اللطف ، تسجيلا عليهم بأن لا لطف لهم ، وأنّهم في علم الله من الهالكين. أو المراد عدم هدايتهم إلى طريق الجنّة ، أو عدم الحكم بهدايته إلى الحقّ.
ومن جملة كذبهم على الله قولهم : الملائكة بنات الله ، وقول النصارى : المسيح ابن الله ، وقول اليهود : عزير ابن الله. ولذلك عقّبه محتجّا عليهم بقوله : (لَوْ أَرادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً) كما زعموا (لَاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ) إذ لا موجود سواه إلّا وهو مخلوقه ، لقيام الدلالة على امتناع وجود واجبين ، ووجوب استناد ما عدا الواجب إليه. ومن البيّن أنّ المخلوق لا يماثل الخالق ، فيقوم مقام الولد له.
ثمّ قرّر ذلك بقوله : (سُبْحانَهُ هُوَ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) فإنّ الألوهيّة الحقيقيّة تتبع الوجوب المستلزم للوحدة الذاتيّة ، وهي تنافي المماثلة فضلا عن التوالد الّذي يتوقّف على التجانس ، لأنّ كلّ واحد من المثلين مركّب من الحقيقة المشتركة