هذه الأمّة ، لأنّ الله تعالى خصّ هذه الأمّة بخصائص لم يشاركهم فيها الأمم. أو ندم قابيل لم يكن على قتل هابيل ، ولكن على حمله. وأمّا قوله : (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) فمعناه : ليس له إلّا ما سعى عدلا ، ولي أن أجزيه بواحدة ألفا فضلا. وأمّا قوله : (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) فإنّها شؤون يبديها ، لا شؤون يبتدئها.
فقام عبد الله وقبّل رأسه ، وسوّغ خراجه.
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ممّا يسعف به سؤلكما ، وما يخرج لكما من مكمن العدم حينا فحينا.
(سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ (٣١) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٣٢) يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطانٍ (٣٣) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٣٤) يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ (٣٥) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٣٦))
ولمّا ذكر سبحانه الفناء والإعادة ، عقّب ذلك بذكر الوعيد والتهديد ، فقال :
(سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ) سنتجرّد لحسابكم وجزائكم. وذلك يوم القيامة ، فإنّها تعالى لا يفعل فيه غيره.
وتنقيح المعنى : ستنتهي الدنيا وتبلغ آخرها ، وتنتهي عند ذلك شؤون الخلق الّتي أرادها بقوله : (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) ، فلا يبقى إلّا شأن واحد ، وهو جزاؤكم ، فجعل ذلك فراغا لهم على طريق المثل.