والتعيين المخصوص ، والقهّاريّة المطلقة تنافي قبول الزوال المحوج إلى الولد.
ثمّ استدلّ على ذلك بقوله : (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِ) أي : لم يخلقهما باطلا لغير غرض صحيح ، بل خلقهما للغرض الحكمي.
(يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ) أي : يغشي كلّ واحد منهما الآخر ، بأن يجعلهما خلفة يذهب هذا ويغشي مكانه هذا ، وإذا غشى مكانه كأنّه يلفّه عليه لفّ اللباس على اللابس. يقال : كار العمامة على رأسه إذا لفّه ولواه. أو يغيّبه به ، كما يغيّب الملفوف باللفافة عن مطامح الأبصار. أو يجعله كارّا عليه كرورا متتابعا ، تتابع أكوار العمامة بعضها على إثر بعض.
(وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى) بأن أجراهما على وتيرة واحدة وفق المشيئة ، لوقت معلوم في الشتاء والصيف. وهو منتهى دورهما ، أو منقطع حركته.
(أَلا هُوَ الْعَزِيزُ) القادر على كلّ ممكن ، الغالب على كلّ شيء (الْغَفَّارُ) حيث لم يعاجل بالعقوبة ، ولم يسلب ما في هذه الصنائع من الرحمة وعموم المنفعة.
فسمّى الحلم مغفرة. ومن قدر على خلق السماوات والأرض ، وتسخير الشمس والقمر ، وإدخال الليل في النهار ، فهو منزّه عن اتّخاذ الولد والشريك ، فإنّ ذلك من صفة المحتاجين.
(خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (٦))
ثمّ استدلّ استدلالا آخر بما أوجده في العالم السفلي مبدوءا به من خلق الإنسان ، لأنّه أقرب وأكثر دلالة وأعجب ، فقال :