عليه من تناهي الحرارة وقطع الأمعاء أمر عجيب ، وشربهم له على ذلك كما تشرب الهيم الماء أمر عجيب أيضا ، فكانتا صفتين مختلفتين ، فلا اتّحاد بين المعطوف والمعطوف عليه ليلزم عطف الشيء على نفسه.
وقرأ نافع وعاصم وحمزة : شرب ، بضمّ الشين.
(هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ) يوم الجزاء ، فما ظنّك بما يكون لهم بعد ما استقرّوا في الجحيم؟ وفيه تهكّم ، كما في قوله : (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) (١) ، لأنّ النزل ما يعدّ للنازل تكرمة له.
(نَحْنُ خَلَقْناكُمْ فَلَوْ لا تُصَدِّقُونَ (٥٧) أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ (٥٨) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ (٥٩) نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (٦٠) عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ (٦١) وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْ لا تَذَكَّرُونَ (٦٢) أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ (٦٣) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (٦٤) لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (٦٥) إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (٦٦) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (٦٧))
ثمّ احتجّ سبحانه عليهم في البعث ، فقال : (نَحْنُ خَلَقْناكُمْ) ولم تكونوا شيئا (فَلَوْ لا) فهلّا (تُصَدِّقُونَ) تحضيض على التصديق. إمّا بالخلق ، لأنّهم وإن كانوا مصدّقين به ، إلّا أنّهم لمّا كان مذهبهم خلاف ما يقتضيه التصديق ، فكأنّهم مكذّبون
__________________
(١) التوبة : ٣٤.