بعد علق ، من بعد نطف (فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ) ظلمة البطن ، والرحم ، والمشيمة. وقيل : الصلب ، والرحم ، والبطن.
(ذلِكُمُ) أي : الّذي هذه أفعاله (اللهُ رَبُّكُمْ) هو المستحقّ لعبادتكم ، الّذي يملك التصرّف فيكم (لَهُ الْمُلْكُ) على جميع المخلوقات (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) إذ لا يشاركه في الخلق غيره (فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) يعدل بكم عن عبادته إلى الإشراك.
(إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٧))
(إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ) عن إيمانكم ، فإنّكم المحتاجون إليه ، لاستضراركم بالكفر ، واستنفاعكم بالإيمان (وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ) فكيف يخلق الكفر ، كما زعمت الأشاعرة (وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ) أي : يرض الشكر لكم ، لأنّه سبب فلا حكم. فإذن ما كره كفركم ولا رضي شكركم إلّا لكم ولصلاحكم ، لا لأنّ منفعة ترجع إليه ، فإنّه الغنيّ الّذي لا يجوز عليه الحاجة.
وقرأ ابن كثير ونافع في رواية وأبو عمرو والكسائي بإشباع ضمّة الهاء ، لأنّها صارت بحذف الألف موصولة بمتحرّك ، فصارت مثل : له. وعن أبي عمرو ويعقوب إسكانها. وهو لغة فيها.
واعلم أنّ منطوق هذا أوضح دلالة على أنّه سبحانه لا يريد الكفر الواقع من العباد ، لأنّه لو أراده لوجب متى وقع أن يكون راضيا به لعبده ، لأنّ الرضا بالفعل ليس إلّا ما ذكرناه. ألا ترى أنّه يستحيل أن نريد من غيرنا شيئا ، ويقع منه على ما نريده ، فلا نكون راضين به! أو أن نرضى شيئا ، ولم نرده البتّة. ولقد تمحّل بعض