(لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً) ملحا شديد الملوحة لا يقدر أحد على شربه. من الأجيج ، فإنّه يحرق الفم. أو مرّا شديد المرارة. وحذفت اللام في جواب «لو» لعلم السامع بمكانها.
وتحقيقه : أنّ «لو» لمّا كانت داخلة على جملتين ، معلّقة ثانيتهما بالأولى تعلّق الجزاء بالشرط ، ولم تكن مخلصة للشرط كـ : إن ، ولا عاملة مثلها ، وإنّما سرى في «لو» معنى الشرط اتّفاقا من حيث إفادتها في مضموني جملتيها أنّ الثاني امتنع لامتناع الأوّل ، افتقرت في جوابها إلى ما ينصب علما على هذا التعلّق ، فزيدت هذه اللام لتكون علما على ذلك ، فإذا حذفت بعد ما صارت علما مشهورا مكانه ، فلأنّ الشيء إذا علم وشهر موقعه وصار مألوفا ومأنوسا به ، لم يبال بإسقاطه عن الألفاظ استغناء بمعرفة السامع. ألا ترى إلى ما يحكى عن رؤبة أنّه كان يقول : خير ، لمن قال له : كيف أصبحت؟ فيحذف الجارّ لعلم كلّ أحد بمكانه.
ويجوز أن يقال : إنّ هذه اللام مفيدة معنى التوكيد لا محالة ، فأدخلت في آية المطعوم دون آية المشروب ، للدلالة على أنّ أمر المطعوم مقدّم على أمر المشروب ، وأنّ الوعيد بفقده أشدّ وأصعب ، من قبل أنّ المشروب إنّما يحتاج إليه تبعا للمطعوم. ألا ترى أنّك إنّما تسقي ضيفك بعد أن تطعمه. ولهذا قدّمت آية المطعوم على آية المشروب.
(فَلَوْ لا تَشْكُرُونَ) أمثال هذه النعم الضروريّة الّتي لا يقدر عليها غير الله.
(أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (٧١) أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ (٧٢) نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ (٧٣))