(تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) صفة ثالثة أو رابعة للقرآن. وهو مصدر نعت به ، لأنّه نزل نجوما من بين سائر كتب الله تعالى ، فكأنّه في نفسه تنزيل. ولذلك جرى مجرى بعض أسمائه ، فقيل : جاء في التنزيل كذا ، ونطق به التنزيل. أو هو تنزيل ، على حذف المبتدأ.
(أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (٨١) وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (٨٢) فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (٨٣) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (٨٤) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ (٨٥) فَلَوْ لا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (٨٦) تَرْجِعُونَها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٨٧))
ثمّ خاطب سبحانه أهل مكّة فقال : (أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ) الّذي حدّثناكم به ، وأخبرناكم فيه عن حوادث الأمور. وهو القرآن. (أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ) متهاونون به كمن يدهن في الأمر ، أي : يليّن جانبه ولا يتصلّب فيه تهاونا به.
(وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ) على حذف المضاف. والرزق : المطر الّذي هو سببه ، تسمية للمسبّب باسم السبب. والمعنى : وتجعلون شكر ما يرزقكم الله من الغيث (أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) بكونه من الله حيث تنسبونه إلى الأنواء. فوضعتم التكذيب موضع الشكر.
عن ابن عبّاس : أصاب الناس عطش في بعض أسفاره ، فدعا صلىاللهعليهوآلهوسلم فسقوا ، فسمع رجلا يقول : مطرنا بنوء كذا ، فنزلت هذه الآية.
وقيل : معناه : أَتجعلون حظّكم من القرآن الّذي رزقكم الله التكذيب به.
(فَلَوْ لا) فهلّا (إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ) بلغت النفس الحلقوم عند الموت