السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٤) لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٥) يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٦))
ولمّا ختم الله سبحانه سورة الواقعة بالتسبيح ، افتتح هذه السورة أيضا بالتسبيح ، وعقّبه بالدلائل الموجبة للتسبيح ، فقال :
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) جاء التسبيح هاهنا وفي الحشر والصفّ بلفظ الماضي ، وفي الجمعة والتغابن بلفظ المضارع ، إشعارا بأنّ من شأن ما أسند إليه التسبيح ـ من السماوات والأرض ـ أن يسبّحه في جميع أوقاته ، لأنّه دلالة جبلّيّة لا تختلف باختلاف الحالات. ومجيء المصدر مطلقا في بني إسرائيل أبلغ ، من حيث إنّه يشعر بإطلاقه على استحقاق التسبيح من كلّ شيء وفي كلّ حال ، من الملائكة والثقلين.
وإنّما عدّي هاهنا باللام ، اشعارا بأنّ إيقاع الفعل لأجل الله وخالصا لوجهه. ومثله : نصحت له ، في : نصحته. فالمعنى : أحدث التسبيح والتنزيه من كلّ سوء خالصا لله. وأصل التسبيح التعدّي بنفسه ، كما في قوله : (وَتُسَبِّحُوهُ) (١). لأنّ
__________________
(١) الفتح : ٩.