ما حقّه التقديم ، قائلا : «ثمّ إن قلنا : العباد عامّ ، فالإسراف على النفس يعمّ الشرك.
ولا نزاع أنّ عدم اليأس من الرحمة يكون مشروطا بالتوبة والإيمان. وإن قلنا : العباد المضاف في عرف القرآن مختصّ بالمؤمنين ، فالإسراف إمّا بالصغائر ، ولا خلاف في أنّها مكفّرة ما اجتنب الكبائر. وإمّا بالكبائر ، وحينئذ يبقى النزاع بين الفريقين ، فالمعتزلة شرطوا التوبة ، والأشاعرة العفو» (١).
وأمّا ثانيا : فلأنّه لا معنى لإرادة الله شيئا لا يرضى به كما مضى ، فثبت أنّ الكفر ليس بقضائه ، وأنّه أراد الإيمان من كلّ عباده. والحمد لله على حسن التوفيق وهداية الطريق.
(وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) ولا تحمل حاملة ثقل اخرى ، أي : لا يؤاخذ بالذنب إلّا من يرتكبه ويفعله (ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ) مصيركم (فَيُنَبِّئُكُمْ) فيخبركم (بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ما عملتموه بالمحاسبة والمجازاة (إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) فلا تخفى عليه خافية من أعمالكم.
(وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ (٨) أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ (٩))
__________________
(١) غرائب القرآن ٦ : ١٠.