وقيل : إنّ الله قال : (عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) ، والجنّة المخلوقة في السماء السابعة ، فلا تنافي بينهما.
(أُعِدَّتْ) ادّخرت وهيّئت (لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ) فيه دليل على أنّ الجنّة مخلوقة ، وأنّ الإيمان وحده كاف في استحقاقها ، لأنّه ذكر أنّ الجنّة معدّة للمؤمنين ، ولم يذكر معه شيئا آخر ، وهذا أعظم رجاء لأهل الإيمان.
(ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ) ذلك الموعود يتفضّل به على من يشاء ، فإنّه يجزي الدائم الباقي على القليل الفاني. ولو اقتصر في الجزاء على قدر ما يستحقّ بالأعمال ، كان عدلا منه ، لكنّه تفضّل بالزيادة.
وقيل : معناه : إنّ أحدا منّا لا ينال خيرا في الدنيا والآخرة إلّا بفضل الله ، فإنّه سبحانه لو لم يدعنا إلى الطاعة ، ولم يبيّن لنا الطريق ، ولم يوفّقنا للعمل الصالح ، لما اهتدينا إليه ، فذلك كلّه من فضل الله. وأيضا فإنّه سبحانه تفضّل بالأسباب الّتي يفعل بها الطاعة ، من التمكين والألطاف وكمال العقل ، وعرض المكلّف للثواب ، فالتكليف أيضا تفضّل.
(وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) فلا يبعد منه التفضّل بذلك وإن عظم قدره.
(ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ (٢٢) لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ (٢٣) الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (٢٤))
ولمّا بيّن الثواب على الطاعة ، عقّبه ببيان الأعواض على مقاساة المصائب ، فقال : (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ) كالجدب والعاهة (وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ)