(وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها وَأَنابُوا إِلَى اللهِ لَهُمُ الْبُشْرى فَبَشِّرْ عِبادِ (١٧) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ (١٨) أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ (١٩) لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَعْدَ اللهِ لا يُخْلِفُ اللهُ الْمِيعادَ (٢٠))
وبعد ذكر التوعّد شرع في الوعد لمن اجتنب عن الشرك وسائر المعاصي ، فقال : (وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ) البالغ غاية الطغيان. فعلوت منه ، كالرحموت والملكوت بمعنى الرحمة الواسعة والملك المبسوط ، إلّا أنّ فيها قلبا بتقديم اللام على العين ، فإنّ أصله الطغيوت أو الطغووت. وهي لمبالغة المصدر. وفيها مبالغات : التسمية بالمصدر ، كأنّ عين الشيطان طغيان ، والبناء بناء المبالغة ، والقلب. وهو للاختصاص ، ولذلك اختصّ بالشيطان. والمراد بها هنا الجمع. والمعنى : كلّ من دعا إلى عبادة غير الله من شياطين الجنّ والإنس.
(أَنْ يَعْبُدُوها) بدل اشتمال من الطاغوت ، أي : اجتنبوا عبادتها (وَأَنابُوا إِلَى اللهِ) وأقبلوا إليه بشراشرهم عمّا سواه (لَهُمُ الْبُشْرى) بالثواب على ألسنة الرسل ، أو الملائكة عند حضور الموت وحين يحشرون ، كقوله تعالى : (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ) (١).
__________________
(١) الحديد : ١٢.