(اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللهِ ذلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (٢٣) أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (٢٤))
روي : أنّ أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ملّوا ملّة فقالوا : حدّثنا. فنزلت : (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ) يعني : القرآن. وفي الابتداء باسم الله ، وبناء «نزّل» عليه ، تأكيد للإسناد إليه تعالى ، وأنّه من عنده ، وأنّ مثله لا يجوز أن يصدر إلّا عنه ، وتفخيم للمنزل ، واستشهاد على مزيّة حسنه ، وتنبيه على أنّه وحي معجز مباين لسائر الأحاديث.
(كِتاباً مُتَشابِهاً) بدل من «أحسن» أو حال منه. وتشابهه : تشابه أبعاضه في الإعجاز ، وتجاوب النظم ، وصحّة المعنى وإحكامه ، وبناؤه على الحقّ والصدق ، والدلالة على المنافع العامّة ، لاشتماله على جميع ما يحتاج إليه المكلّف ، من التنبيه على أدلّة التوحيد والعدل ، وبيان أحكام الشرع ، وغير ذلك من المواعظ وقصص الأنبياء ، والترغيب والترهيب.
(مَثانِيَ) جمع مثنّى ، بمعنى المردّد والمكرّر. أو مثنى. وصف به «كتابا» مع أنّه جمع باعتبار تفاصيله ، من الأقاصيص والأحكام والمواعظ المكرّرة. وهذا كقولك : القرآن سور وآيات وأسباع وأخماس ، والإنسان : عظام وعروق وأعصاب. أو جعل تمييزا من «متشابها» كقولك : رجلا حسنا شمائل. فالمعنى : كتابا متشابهة مثانيه.