وقريب منه ما روي عن ابن عبّاس : أنّ في بني آدم نفسا وروحا بينهما مثل شعاع الشمس. فالنفس الّتي بها العقل والتمييز ، والروح الّتي بها النفس والحياة ، فيتوفّيان عند الموت ، وتتوفّى النفس وحدها عند النوم.
وروى العيّاشي بالإسناد عن الحسن بن محبوب ، عن عمرو بن ثابت أبي المقدام ، عن أبيه ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «ما من أحد ينام إلّا عرجت نفسه إلى السماء ، وبقيت روحه في بدنه ، وصار بينهما سبب كشعاع الشمس. فإن أذن الله في قبض الأرواح أجابت الروح النفس ، وإن أذن الله في ردّ الروح أجابت النفس الروح. وهو قوله : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها) الآية».
(إِنَّ فِي ذلِكَ) من التوفّي والإمساك والإرسال (لَآياتٍ) دالّة على كمال قدرته وحكمته (لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) يجيلون أفكارهم في كيفيّة تعلّقها بالأبدان ، وتوفّيها عنها بالكلّيّة حين الموت ، وإمساكها باقية لا تفنى بفنائها ، والحكمة في توفّيها عن ظواهرها ، وإرسالها حينا بعد حين إلى توفّي آجالها.
(أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ شُفَعاءَ قُلْ أَوَلَوْ كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ (٤٣) قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٤٤))
(أَمِ اتَّخَذُوا) بل اتّخذت قريش. والهمزة للإنكار. (مِنْ دُونِ اللهِ) من دون إذنه (شُفَعاءَ) تشفع لهم عند الله ، حيث قالوا : هؤلاء شفعاؤنا عند الله (قُلْ أَوَلَوْ كانُوا) أي : أَيشفعون ولو كانوا (لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً) قطّ حتّى ملكوا الشفاعة (وَلا يَعْقِلُونَ) ولا عقل لهم ، لأنّهم جمادات ، فلا يقدرون ولا يعلمون.