(قُلِ اللهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) يا خالقهما ومنشئهما (عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) يا عالم ما غاب علمه عن جميع الخلق ، وعالم ما شهدوه وعلموه.
يعني : ألتجئ إلى الله بالدعاء ، فإنّه القادر على الأشياء ، والعالم بالأحوال كلّها (أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ) فأنت وحدك تقدر أن تحكم بينهم يوم القيامة أو الدنيا (فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) في أمر دينهم ودنياهم ، وتفصل بينهم بالحقّ في الحقوق والمظالم ، فاحكم بيني وبين قومي بالحقّ. وفيه وصف لحالهم ، وإعذار له صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وتسلية له ، وبشارة للمؤمنين بالظفر والنصر ، ووعيد للمشركين ، لأنّه سبحانه إنّما أمره صلىاللهعليهوآلهوسلم به للإجابة لا محالة.
وعن سعيد بن المسيّب أنّه قال : إنّي لأعرف موضع آية لم يقرأها أحد قطّ ، فسأل الله تعالى شيئا إلّا أعطاه ، وقرأ هذه الآية.
وعن الربيع بن خثيم ـ وكان قليل الكلام ـ : أنّه أخبر بقتل الحسين عليهالسلام ـ وسخط على قاتله ـ وقالوا : الآن يتكلّم ، فما زاد على أن قال : آه أوقد فعلوا؟ وقرأ هذه الآية. وروي : أنّه قال على أثره : قتل من كان صلىاللهعليهوآلهوسلم يجلسه في حجره ، ويضع فاه على فيه.
(وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ (٤٧) وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٤٨))
ثمّ أخبر سبحانه عن وقوع العذاب الأليم والعقاب العظيم بالكفّار ، وعن إقناط كلّي لهم من الخلاص ، فقال :