وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ (٥٤) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ (٥٥) أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (٥٦) أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللهَ هَدانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (٥٧) أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٥٨) بَلى قَدْ جاءَتْكَ آياتِي فَكَذَّبْتَ بِها وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ (٥٩))
روي : أنّ أهل مكّة قالوا : يزعم محمّد أنّ من عبد الوثن وقتل النفس بغير حقّ لم يغفر له ، فكيف نغفر ولم نهاجر ، وقد عبدنا الأوثان وقتلنا الأنفس؟! فنزلت : (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ) أفرطوا في الجناية عليها بالإسراف في المعاصي والتوغّل فيها. وقد مرّ (١) من قبل في هذه السورة ـ حيث فسّرنا قوله تعالى : (وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ) ـ قول الفاضل النيشابوري في تعميم العباد وتخصيصه في هذه الآية ، ونعيده هنا لتحقيق المقام. قال : «ثمّ إن قلنا : العباد عامّ فالإسراف على النفس يعمّ الشرك ، ولا نزاع أنّ عدم اليأس من الرحمة يكون مشروطا بالتوبة والإيمان. وإن قلنا : العباد المضاف في عرف القرآن مختصّ بالمؤمنين ، فالإسراف إمّا بالصغائر ، ولا خلاف في أنّها مكفّرة ما اجتنب الكبائر.
__________________
(١) راجع ص ٥٨ ذيل الآية (٧) من هذه السورة.