والله من وراء حربكما (١) وأظهرت حفصة خجلا وقالت انهن فعلن هذا بجهل وفرقتهن في الحال.
خطبة عائشة بالمربد :
ولما بلغ عائشة رأى ابن حنيف في القتال ركبت الجمل وأحاط بها القوم وسارت حتى وقفت (بالمربد) واجتمع إليها الناس حتى امتلا المربد بهم فقالت وهى على الجمل صه صه فسكت الناس واصغوا إليها فحمدت الله تعالى وقالت :
اما بعد فان عثمان بن عفان قد كان غير وبدل فلم يزل يغسله بالتوبة حتى صار كالذهب المصفى فعدوا عليه وقتلوه في داره وقتل ناس معه في داره ظلما وعدوانا ثم آثروا عليا فبايعوه من غير ملائمة من الناس ولا شورى ولا اختيار فابتز والله امرهم وكان المبايعون له يقولون خذها اليك واحذرن أبا حسن إنا غضبنا لكم على عثمان من السوط فكيف لا نغضب لعثمان من الغضب ان الامر لا يصح حتى يرد الامر إلى ما صنع عمر من الشورى فلا يدخل فيه احد سفك دم عثمان.
فقال بعض الناس صدقت وقال بعض الناس كذبت واضطربوا بالفعال وتركتهم وسارت حتى اتت (الدباغين) وقد تحيز الناس بعضهم مع طلحة والزبير وعائشة وبعضهم متمسك ببيعة أمير المؤمنين والرضا به فسارت من موضعها ومن معها واتبعها على رأيها طلحة والزبير
__________________
(١) اشارة إلى ما جاء في سورة التحريم من قوله تعالى : (واذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به) الآية. ففي تفسير الخازن (ج ٧ ـ ص ٩٧) وروح المعاني للالوسي (ج ٢٨ ـ ص ١٥٢) عن ابن عباس ان حفصة أسرت حديثا لرسول الله صلى الله عليه وآله إلى عائشة وكانتا متصافيتين وهما اللتان تظاهرتا عليه ونزل القرآن فيهما.