على الاستحباب ، فإنّه حمل قريب جدّا ، كما اشير إليه مرارا.
ولا يتعيّن حمل المعارض على التقيّة كما ذكره المرتضى (١) ، لأنّ العامّة مختلفون ، فذهب مالك وأحمد إلى الوجوب (٢) والشافعي (٣) وأبو حنيفة (٤) إلى عدمه ، وما ذكره من جهات الترجيح غير واضح (٥) ، انتهى.
وبملاحظة ما ذكرناه ؛ ظهر التأمّل فيما ذكره أيضا ، مضافا إلى أنّه رحمهالله لغاية قرب عهده بالأخبار ، ومذاهب الشيعة في ذلك الزمان ، يكون كالشاهد يرى ما لا يراه الغائب.
فلا وجه في تأمّله في جهات ترجيحه ، ولا في كون المشهور عند الشيعة ما ذكره ، فإنّه استثنى ابن الجنيد خاصّة ، مع أنّه كثيرا ما يطابق رأيه رأي العامّة ، كما لا يخفى على المطّلع ، ومجرّد الشهرة بين الشيعة يكفي مرجّحا ، فما ظنّك إذا كان المشتهر بين العامّة خلافه؟
والذي وصل إلينا من الأئمّة عليهمالسلام في الأخبار المتعارضة وعلاجها (٦) ، هو أمثال ما ذكره السيّد رحمهالله ، لا الحمل على الاستحباب.
وقد كتبنا رسالة مبسوطة في أمثال المقام ، وأشرنا إلى ذلك في الجملة في هذا الكتاب في مقامات ، وكان الأمر على ذلك إلى زمانه ، وزمان صاحب «المدارك» ، بل صاحب «المدارك» في الغالب يمشي مشي الأصحاب.
__________________
(١) الانتصار : ٨٣.
(٢) نسب إليهما عدم الوجوب ، لاحظ! الخلاف : ٢ / ٨٨ تذكرة الفقهاء : ٥ / ١٣٠ ، المغني لابن قدامه : ٢ / ٣٢٢.
(٣) لاحظ! الامّ : ٢ / ٤١ و ٤٢.
(٤) نسب إليه الوجوب ، لاحظ! بداية المجتهد : ١ / ٢٥٨ ، احكام القرآن لابن العربي : ٢ / ٩٣١ ، الخلاف : ٢ / ٨٨.
(٥) ذخيرة المعاد : ٤٣٢.
(٦) الكافي : ١ / ٦٧ الحديث ١٠ ، من لا يحضره الفقيه : ٣ / ٥ الحديث ١٨ ، تهذيب الأحكام : ٦ / ٣٠١ الحديث ٨٤٥ ، وسائل الشيعة : ٢٧ / ١٠٦ الحديث ٣٣٣٣٤.