وسبب هذا الظن ان بعض الانشاءات قد توصف بالصدق والکذب کما لو استفهم شخص عن شيء يعلمه أو سأل الغني سؤال الفقير او تمني انسان شيئا هو واجد له فان هؤلاء نرميهم بالکذب وفي عين الوقت نقول للمستفهم الجاهل والسائل الفقير والمتمني الفاقد اليائس (١) انهم صادقون. ومن المعلوم أن الاستفهام والطلب بالسؤال والتمني من أقسام الانشاء.
ولکنا اذا دققنا هذه الامثلة واشباهها يرتفع هذا الظن لاننا نجد أن الاستفهام الحقيقي لا يکون الا عن جهل والسؤال لا يکون الا عن حاجة والتمني لا يکون الا عن فقدان ويأس فهذه الانشاءات تدل بالدلالة الالتزامية على الاخبار عن الجهل أو الحاجة او اليأس فيکون الخبر المدلول عليه بالالتزام هو الموصوف بالصدق أو الکذب لا ذات الانشاء.
فالتعريف الاول للخبر في حد نفسه لا يشمل هذه الانشاءات ولکن لأجل التصريح بذلک دفعا للالتباس نضيف کلمة (لذاته) لان هذه الانشاءات المذکورة لئن اتصفت بالصدق أو الکذب فليس هذا الوصف لذاتها بل لأجل مداليلها الالتزامية.
أقسام القضية (٢)
١ ـ (الحملية) مثل : الحديد معدن الربا محرم الصدق ممدوح الکاذب ليس بمؤتمن البخيل لا يسود.
__________________
(١) قيده باليأس ، لأن الترجي أيضا طلب شئ مفقود مع إمكان وجدانه. وأما التمني فهو طلب شئ مفقود مع عدم إمكان وجدانه ، فالمتمني ليس إلا اليائس.
(٢) راجع شرح الشمسية : ص ٨٢ ، وشرح المنظومة : ص ٤٦ ، وشرح المطالع : ص ١١٠ ، الجوهر النضيد : ص ٣١ ، وأساس الاقتباس : ص ٦٨ ، والإشارات وشرحه : ص ١١٤ ، النجاة : ص ١٢ ، والتحصيل : ص ٤٤.