٢ ـ الاسقراء (١)
عرفنا الاستقراء فيما سبق بأنه هو «أن يدرس الذهن عدة جزئيات فيستنبط منها حکما عاما» کما لو درسنا عدة أنواع من الحيوان فوجدنا کل نوع منها يحرک فکه الأسفل عند المضغ فنستنبط منها قاعدة عامة وهي : ان کل حيوان يحرک فکه الأسفل عند المضغ.
والاستقراء هو الأساس لجميع أحکامنا الکلية وقواعدنا العامة (٢) لأن
__________________
(١) راجع الحاشية : ص ١٠٥ ، وشرح الشمسية : ص ١٦٥ ، وشرح المنظومة : ص ٨٥.
(٢) هذا التزام بما لا يلزم ، بل بما يمتنع ، فإنه يلزم عليه الشبهة المستعصية الآتية ، وأيضا يلزم هدم ما مر منه غير مرة : من أنه لا يمكن أن يطلب كل علم بدليل وإلا لما انتهينا إلى العلم بقضية أبدا وهل الاستقراء إلا من أنواع الحجة؟ أي الدليل. ولا تدفع إلا بالالتزام بالبديهيات العقلية المتقدمة على الاستقراء ، كما اعترف به نفسه في القسم الثالث ويلزمه في القسم الثاني والرابع ، لأن كلا منهما مبتن على حكم عقلي : الأول على استحالة تخلف المعلول عن العلة ، كما قد اعترف به بقوله : ولا شبهة عند العقل أن العلة لا يتخلف عن معلولها أبدا. والثاني على كون حكم الأمثال واحدا ، كما صرح به بقوله : لأن الجزئيات متماثلة متشابهة في التكوين ، فوصف واحد منها يكون وصفا للجميع.