اجسام غير الخشب ودقق في ملاحظته ووزن الاجسام والوسائل (١) بدقة وقاس وزن بعضها ببعض لحصل له حکم آخر بأن العلة في طفو الخشب على الماء أن الخشب اخف وزنا من الماء. وتحصل له قاعدة عامة هي أن الجسم الجامد يطفو على السائل اذا کان أخف وزنا منه ويرسب الى القعر اذا کان أثقل وزنا والى وسطه اذا ساواه في الوزن فالحديد مثلا يرسب في الماء ويطفو في الزئبق لأنه أخف وزنا منه.
٤ ـ المتواترات (٢)
وهي قضايا (٣) تسکن اليها النفس سکونا يزول معه الشک ويحصل الجزم القاطع. وذلک بواسطة اخبار جماعة يمتنع تواطؤهم على الکذب ويمتنع اتفاق خطأهم في فهم الحادثة (*) کعلمنا بوجود البلدان النائية التي لم نشاهدها وبنزول القرآن الکريم على النبي محمد صلي الله عليه وآله وبوجود بعض الأمم السالفة او الاشخاص.
__________________
(١) السوائل ، ظ.
(٢) راجع شرح المنظومة : ص ٩٠ ، وشرح المطالع : ص ٣٣٣ ، والقواعد الجلية : ص ٣٩٧ ، والتحصيل : ص ٩٧.
(٣) شخصية ، كما سيصرح به في ص ٣٦٦.
(*) هذا القيد الاخير لم يذكره المؤلفون من المنطقيين والاصوليين. وذكره ـ فيما أرى ـ لازم ، نظرا الى أن الناس المجتمعين كثيرا ما يخطئون في فهم الحادثة على وجهها ، حينما تقتضي الحادثة دقة الملاحظة. وقوانين علم الاجتماع تقضي بأن الجمهور لاتتأتى فيه الدقة في الملاحظة اذ سرعان ما تسري فيه العدوى والمحاكاة بعضهم لبعض ، فاذا تأثر بعضهم بالحادث المشاهد قد يقلده غيره من الحاضرين بالتأثر من حيث لا يشعر فيسري الى الاخرين. وعليه لا يحصل اليقين من اخبار جماعة خطأهم في الملاحظة وان حصل اليقين بعدم تعمدهم للكذب.
لا ترى ان المشعوذين يأتون باعمال يبدو أنها خارقة للعادة فينخدع بها المتفرجون لانهم لم يرزقوا ساعة الاجتماع دقة الملاحظة. ولو انفرد الشخص وحدة بمشاهد المشعوذ لربما لا يشاهده بطحن الزجاج بأسنانه ويخرجه أبرا أو يطعن نفسه بمدية ولا يخرج الدم ، بل قد تنكشف له الحبلة بسهولة.