منها (المشهورات الحقيقية المطلقة) لانها لما کانت بهذه الشهرة لا يسع لأحد انکارها والتشکيک بهاحتي يحتاج اثباتها الى حجة. وحکمها من هذه الجهة حکم البديهيات فانها لا تطلب بالبرهان. ويجمعها انها غير مکتسبة فلا تکتسب بحجة.
ومن ينکر المشهورات لا تنفع معه حجة جدلية لأن معني اقامتها ارجاعه الى القضايا المشهورة وقد ينکرها أيضا. ومثل هذا المنکر للمشهورات لا رد له الا العقاب أو السخرية والاستهزاء أو احساسه : فمن ينکر مثل حسن عبادة الخالق وقبح عقوق الوالدين فحقه العقاب والتعذيب. ومنکر مثل ان القمر مستمد نوره من الشمس يسخر به ويضحک عليه. ومنکر مثل أن النار حارة يکوي بها ليحس بحرارتها.
نعم قد يطلب المشهور بالقياس الجدلي في مقابل المشاغب کما تطلب القضية الاولية بالبرهان في مقابل المغالط.
أما المشهورات المحدودة أو المختلف فيها فلا مانع من طلبها بالحجة الجدلية في مقابل من ال يراها مشهورة أو لا يعترف بشهرتها لينبهه على شهرتها بما هو أعرف واشهر.
ومنها (القضايا الرياضية ونحوها) لانها مبتنية على الحس والتجربة فلا مدخل للجدل فيها ولا معني لطلبها بالمشهورات کقضايا الهندسة والحساب والکيمياء والميکانيک ونحو ذلک.
ـ ١١ ـ
أدوات هذه الصناعة (١)
عرفنا فيما سبق ان الجدل يعتمد على المسلمات والمشهورات
__________________
(١) راجع الجوهر النضيد : ص ٢٠٣.