العلقة الراسخة في الذهن بين اللفظ والمعنى. وتنشأ هذه العلقة ـ كما عرفت ـ من الملازمة الوضعية بينهما عند من يعلم بالملازمة. وعليه يمكننا تعريف الدلالة اللفظية بأنها : «هي كون اللفظ بحالة ينشأ من العلم بصدوره من المتكلم العلم بالمعنى المقصود به».
المطابقية ، التضمنية ، الإلتزامية
يدل اللفظ على المعنى من ثلاثة أوجه (١) متباينة :
(الوجه الأول) ـ المطابقة : بأن يدل اللفظ على تمام معناه الموضوع له ويطابقه ، كدلالة لفظ الكتاب على تمام معناه ، فيدخل فيه جميع أوراقه وما فيه من نقوش وغلاف ، وكدلالة لفظ الإنسان على تمام معناه ، وهو الحيوان الناطق. وتسمى الدلالة حينئذ (المطابقية) أو (التطابقية) ، لتطابق اللفظ والمعنى. وهي الدلالة الأصلية في الألفاظ التي لأجلها مباشرة وضعت لمعانيها.
(الوجه الثاني) ـ التضمن : بأن يدل اللفظ على جزء معناه الموضوع له الداخل ذلك الجزء في ضمنه ، كدلالة لفظ الكتاب على الورق وحده أو الغلاف. وكدلالة لفظ الإنسان على الحيوان وحده (٢) أو الناطق وحده فلو بعت الكتاب يفهم المشتري دخول الغلاف فيه ، ولو أردت بعد ذلك أن
__________________
(١) راجع شرح الشمسية : ص ٢٨ ، وشرح المطالع : ص ٢٦ ، والقواعد الجلية : ص ١٩٥ ، اللمعات (اللمعة الثانية) ، وأساس الاقتباس : ص ٧ ، والإشارات وشرحه : ص ٢٨.
(٢) لا يخفى عليك : أن الدلالة التضمنية ليست بمعنى إطلاق الإنسان وإرادة الحيوان وحده ـ مثلا ـ أو الناطق وحده ، فإن الإرادة شئ والدلالة شئ آخر ، وبينهما بون بعيد! كما في شرح المطالع ، بل الدلالة التضمنية هي دلالة اللفظ على جزء المعنى الموضوع له سواء كان مراد المتكلم ذلك الجزء وحده أو كان مراده معناه المطابقي المشتمل على هذا الجزء ، فيكون إرادة الجزء في ضمن إرادة الكل. وهكذا في الدلالة الالتزامية.