تهبط الى الحضيض. وبها تختلف رتب الشعراء وتعلو وتنزل درجاتهم : فشاعر يجري ولا يجري معه فيستطيع ان بتصرف في النفوس حتي يکاد تکون له منزلة الانبياء من ناحية التأثير على الجماهير وشاعر لا يستحق الا ان تصفعه وتحقره حتي يکاد يکون اضحوکة للمستهزئين وبينهما درجات لا تحصي.
من المشهورات عند شعراء اللغة العربية فولهم : «الشعر اکذبه اعذبه» وقد استخف بعض الادباء المحدثين (١) بهذا القول ذهابا الى ان الکذب من اقبح الاشياء فکيف يکون مستملحا مضافا الى ان القيمة للشعر انما هي بالتصوير المؤثر فاذا کان کاذبا فليس في الکذب تصوير لواقع الشيء.
وهذا النقد حق لو کان المراد من الشعر الکاذب مجرد الاخبار عن الواقع کذبا. غير ان مثل هذا الاخبار کما تقدم ليس من الشعر في شيء وان کان صادقا. وانما الشعر بالتصوير والتخييل. ولکن يجب ان نفهم أن تصوير الواقع تارة يکون بما له من الحقيقة الواقعة بلا تحوير ولا اضافة شيء لعي صورته ولا مبالغة فيه او حيلة في تمثيله. ومثل هذا يکون ضعيف التأثير على النفس ولا يوجب الالتذاذ المطلوب.
وتارة أخري يکون بصورة تخييلية على ما نوضحه فيما بعد بأن تکون کالرتوش التي تصنع للصورة الفوترغرافية اما بتحسين أو بتقبيح مع ان الواقع من ملامح ذي الصورة محفوظ فيها أو کالصورة الکاريکاتورية التي تحکي صورة الشخص بملامحه المميزة له مع مايفيض عليها المصور من خياله من تحريفات للتعبير عن بعض اخلاقه أو حالاته أو افکاره او نحو ذلک.
__________________
(١) لم نقف عليه.