ويطول علينا ذکر الامثلة لهذا القسم. وحسبک کلمة الوجود والماهية في علم الفلسفة (١) وکلمة الحسن والقبح والرؤية في علم الکلام وکلمة الحرية والوطن في الاجتماعيات ... وهکذا. ونستطيع ان نلتقط من کل علم وفن أمثلة کثيرة لذلک.
وهي فيما اذا کان اللفظ يتعدد معناه من جهة تصريفه أو من جهة تذکيره وتأنيثه أو کونه اسم فاعل أو اسم مفعول. ولعدم تمييز احدهما عن الآخر يقع الاشتباه والغلط فيوضع حکم أحدهما للآخر. مثل لفظ (العدل) من جهة کونه مصدرا مرة وصفة أخري. ولفظ (تقوم) من جهة کونه خطابا للمذکر مرة وللمؤنث الغائبة أخري. ولفظ (المختار) و (المعتاد) اسم فاعل مرة واسم مفعول أخري ... وهکذا.
وهي فيما اذا کان اللفظ يتعدد معناه بسبب أمور عارضة على هيئة خارجة عن ذاته بأن يصحف اللفظ نطقا أو خطا باعجام أو حرکات في صيغته أو اعرابه. مثل ما قال الرئيس ابن سينا بما معناه : ان الحکماء قالوا أنه تعالي بحت وجوده فصحفه بعضهم فظن أنهم قصدوا يجب وجوده.
(تنبيه) ان النوعين الاخيرين يرجعان في الحقيقة الى الاشتباه من جهة الاشتراک في اللفظ غير انهما من جهة هيئته لا جوهره. ولما کان النوع
__________________
(١) فتراهم يقولون : إن الوجود عارض الماهية ، ثم يستشكل عليهم الأمر بلزوم التسلسل من ذلك ، حيث إن ثبوت شئ لشئ فرع ثبوت المثبت له ، مع أن المراد من الوجود والماهية في الأول مفهومهما ، والإشكال إنما يلزم في عروض حقيقة الوجود للماهية.