مضافاً إلى وجود روايات أُخرى تأمر بترجيح أحد الخبرين على الآخر بصفات الراوي (١) وإن كان الراوي غير قاض ولا حاكم.
من قرأ تاريخ الحديث يقف على وجود الوضّاعين والمدلّسين والمتعمّدين للكذب على اللّه ورسوله في أوساط الرواة ، ومع هذا كيف يصحّ للمجتهد الإفتاء بمجرّد الوقوف على الخبر من دون التعرّف على صفات الراوي حيث لا يميّز الكذّاب والمدلّس عن غيرهما إلاّ بعلم الرجال؟!
قال الإمام الصادق عليهالسلام : « إنّا ـ أهل بيت ـ صادقون لا نخلو من كذّاب يكذب علينا ، فيُسقط صِدقُنا بكذبه علينا عند الناس ». (٢)
ولأجل هذا التخليط من المدلّسين ، أمر أئمّة أهل البيت عليهمالسلام أتباعهم بعرض الحديث على الكتاب والسنّة ، فما وافق كتاب اللّه وسنّة نبيّه فيؤخذ به ، وما خالفهما فيضرب عرض الجدار. (٣)
قد جرت سيرة مشاهير علمائنا منذ عصر الأئمّة إلى يومنا هذا على الرجوع إلى التفتيش عن أحوال الرواة وصفاتهم ، وميزان ضبطهم ودقّتهم ؛ وقد قام غير واحد من الأصحاب بتدوين علم الرجال في عصر الأئمّة ، نذكر منهم على سبيل المثال :
١. عبد اللّه بن جبلة الكناني ( المتوفّى عام ٢١٩ هـ ) كان من أصحاب الإمام
__________________
١. انظر الوسائل : ١٨ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي.
٢. رجال الكشي : ٢٥٧.
٣. انظر : وسائل الشيعة : ١٨ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي.