الجري على أثرهم في تمييز ما يعتمد عليه ممّا لا يركن إليه ، فاحتاجوا إلى قانون تتميّز به الأحاديث المعتبرة عن غيرها والموثوق بها عمّا سواها.
قال صاحب المعالم : إنّ القدماء لا علم لهم بهذا الاصطلاح قطعاً ، لاستغنائهم عنه في الغالب بكثرة القرائن الدالّة على صدق الخبر وإن اشتمل طريقه على ضعف ، فلم يكن للصحيح كثير مزيّة توجب له التميّز باصطلاح أو غيره ، فلمّا اندرست تلك الآثار ، واستقلّت الأسانيد بالأخبار ، اضطر المتأخّرون إلى تمييز الخالي من الريب فاصطلحوا على ما قدّمنا بيانه ، ولايكاد يعلم وجود هذا الاصطلاح قبل زمان العلاّمة إلاّ من جهة السيد جمال الدين ابن طاووس رحمهالله. (١)
فقرروا لنا ذلك الاصطلاح الجديد ، وقرّبوا إلينا البعيد ، ووصفوا الأحاديث الواردة في كتبهم الاستدلالية بما اقتضاه ذلك الاصطلاح من الصحة والحسن والتوثيق. (٢)
وأوّل من سلك هذا الطريق من علمائنا المتأخّرين ـ كما عرفت ـ هو السيد جمال الدين بن طاووس ( المتوفّى عام ٦٧٣ هـ ) وتبعه تلميذاه العلامّة الحلّي ، وابن داود.وما اشتهر في الألسن ، من نسبة ابتكار هذا التقسيم إلى العلاّمة الحلي لا أساس له.
إذا عرفت ذلك فلنذكر أُصول الحديث وتعاريفه.
١. الصحيح : من اتصلت روايته إلى المعصوم بإمامي عادل.
٢. الحسن : ما اتصلت روايته إلى المعصوم بإمامي ممدوح لم يُنصّ على عدالته.
٣. الموثّق : ما اتصلت روايته إلى المعصوم بثقة غير إمامي ، سواء أكان شيعياً كالواقفية والفطحية أم سنّياً.
__________________
١. الحسن بن زين الدين العاملي : منتقى الجمان : ١ / ١٣.
٢. مشرق الشمسين : ٣ ـ ٤.