سمعته من فلان ، ويشترط في الإجازة أن يعرف المحدّث ما يجيز به وان يكون نسخة الطالب مطابقة لأصل المجيز حتى كأنّها هي ، وأن يكون المجيز من أهل العلم.
أمّا صحّة التحمّل عن طريق الإجازة ، فوجهها انّ الإجازة عرفاً في قوة الإخبار بمرويّاته جملة ، فهو كما لو أخبره تفصيلاً ، والإخبار غير متوقّف على التصريح لفظاً كما في القراءة على الشيخ ، وإنّما الغرض حصول الإفهام ، وهو يتحقّق بالإجازة المفهمة ، وليس في الإجازة ما يقدح في اتّصال المنقول بها وفي الثقة به ، فيجري عليها حكم السماع من الشيخ.
وقد كان تحمّل الحديث في العصور الأُولى على وجه السماع أو القراءة على الشيخ ، ولكن بعد تقاصر الهمم وانتشار العلم في البلاد ، اقتُصر على التحمّل بالإجازة ، وهي دون السماع والعرض.
والمراد بالمناولة أن يعطي المحدِّث تلميذَه حديثاً أو أحاديث أو كتاباً ليرويه عنه ، ولا كلام بين المحدّثين في صحّة التحمّل بهذا الطريق ، ويشهد لذلك انّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كتب لأمير السرية ، وقال : « لا تقرأ هذا على الناس حتى تبلغ مكان كذا » فلمّا بلغ ذلك المكان قرأه عليهم وأخبرهم بأمر النبي. (١)
والمناولة على قسمين : مقرونة بالإجازة ومجرّدة عنها.
والأوّل كما إذا قال : خذ هذا الكتاب فأروه عني ، فتعدّ مقرونة بالاجازة.
والثاني كما إذا اقتصر على أصل المناولة ولم يعقبها بالإجازة.
__________________
١. فتح الباري : ١ / ١٥٣ ؛ صحيح البخاري ، كتاب الجهاد ، الحديث ٢ ، ٧.