والاجتهاد وإعمال النظر ، فلا تشمله أدلّة حجّية خبر الثقة فإنّها لا تشمل إلاّ الإخبار عن حسّ.
والجواب : انّه لا شكّ في اختصاص قول الثقة بما إذا أخبر عن حس لا عن حدس ، ومبنى الأصحاب في التوثيق والجرح كان هو الحس لا الحدس ، ويؤيد ذلك انّ النجاشي ربّما يستند إلى أقوال الرجال ، ويقول : « ذكره أحمد بن الحسين » ، (١) إلى غير ذلك من الموارد.
والذي يبيّن انّهم كانوا يستندون في التوثيق والتضعيف على الحسّ دون الحدس ، قول الشيخ في كتاب « العدّة » في آخر فصله ، حيث قال في ثنايا البحث عن حجّية خبر الواحد :
« إنّا وجدنا الطائفة ميّزت الرجال الناقلة لهذه الأخبار فوثّقت الثقات منهم ، وضعّفت الضعفاء ، وفرّقت بين من يعتمد على حديثه وروايته ، وبين من لا يعتمد على خبره ، ومدحوا الممدوح منهم ، وذمّوا المذموم وقالوا : فلان متّهم في حديثه ، وفلان كذّاب ، وفلان مخلّط ، وفلان مخالف في المذهب والاعتقاد ، وفلان واقفي ، وفلان فطحي ، وغير ذلك من الطعون التي ذكروها. وصنّفوا في ذلك الكتب واستثنوا الرجال في جملة ما رووه في التصانيف في فهارسهم ، حتّى أنّ واحداً منهم إذا أنكر حديثاً نظر في إسناده وضعفه برواته. هذه عادتهم على قديم وحديث لا تنخرم ». (٢)
وهذا دليل على أنّ التوثيق والتضعيف ، والمدح والقدح كانت من الأُمور الشائعة المتعارفة بين العلماء ، وكانوا ينصّون عليها في كتبهم.
وما تثبت به وثاقة الراوي أو حسن حاله هو نص أحد أعلام المتأخّرين عن
__________________
١. المراد ابن الغضائري في كتابه.
٢. عدّة الأُصول : ١ / ١٤١ ، ط تحقيق الأنصاري.