المجيز ، بل يشترط فيه ما يشترط في سائر الرواة من الوثاقة والضبط ، إذ لا تزيد استجازة الثقة عن شخص ، على روايته عنه ، فكما لا تدلّ رواية الثقة على وثاقة المروي عنه فهكذا الاستجازة.
إذا أجاز الشيخ المجيز ، رواية كتاب لغيره ، وكانت نسبة الكتاب إلى مصنّفه مشهوراً ثابتاً ، وتكون الغاية من الاستجازة هي مجرّد اتصال السند ، وتصحيح الحكاية والتمكّن من القول بـ « حدّثنا » إلى أن ينتهي إلى الإمام ، دون تحصيل العلم لنسبة الكتاب إلى مصنّفه ، لأنّ المفروض انّ نسبته إليه كالشمس في رائعة النهار.
وهذا نظير إجازة المشايخ الأكابر لتلاميذهم أن يرووا عنهم ، الكتب الأربعة للمحامدة الثلاثة ، وبما انّ الغاية ليست تحصيلَ العلم بنسبة الكتاب إلى مصنّفه بل الغاية تحصيل اتّصال السند والتمكّن من نقل الحديث بلفظ « حدّثنا » إلى أن ينتهي إلى المعصوم ، لا تعدّ الاستجازة دليلاً على وثاقة المجيز.
والظاهر انّ مشايخ الصدوق في « الفقيه » من هذا القسم ، حيث إنّه قدسسره قد حذف أوائل السند وابتدأ السند باسم من أخذ الحديث من أصله أو مصنّفه حتى يصل السند إلى الإمام ، ثمّ وضع في آخر الكتاب « مشيخة » ذكر فيها طريقه إلى من أخذ الحديث من كتابه.
ويظهر من مقدّمة « الفقيه » انّ الكتب التي أُخذ الحديث عنها ، كتب مشهورة عليها المعوّل وإليها المرجع ، وانّ ما ذكره في المشيخة لأجل تحصيل اتّصال السند ، لا لتصحيح نسبة الكتاب إلى مؤلّفه. (١) وعلى هذا لا تدلّ استجازة الصدوق على وثاقة مشايخه الذين ذكر أسماءهم في المشيخة.
__________________
١. الفقيه : ١ / ٣ ـ ٤.