بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد للّه الذي تواترت نعماؤه ، وتسلسلت واستفاضت آلاؤه ; والصّلاة والسّلام على سيّد المرسلين ، وخاتم النّبيّين محمّد وآله الطيّبين الطّاهرين ، صلاة موصولة لا مقطوعة إلى يوم الدّين.
إنّ الاجتهاد عبارة عن : بذل الوسع في استنباط الأحكام الشرعية من مصادرها. وهو رمز خلود الدين ، وبقاء تشريعه ، وبه تُحفظ غضاضة الدين وطراوته ، وتُصان الشريعة عن الاندراس ، ويستغني المسلمون عن التطفّل على موائد الآخرين.
إنّ الاجتهاد يُساير سُنن الحياة وتطورها ، حيث يجعل النصوص مَرِنَة ، حيّة متحركة ، عبْر الزمان والمكان.
كما لا شكّ انّ صاحب الشريعة عنى بالكلّيات ، وترك التفاصيل والجزئيات على عاتق المفكّرين من العلماء ، ولو قام ببيان التفاصيل لما اتّسع وقت الرسالة لهذا كلّه ، بل أعرض الناس عن هذه الدعوة لتعقّدها.
حتى ولو افترضنا انّ النبي قام بجمع أُصول الإسلام وفروعه وكلّ ما يمتّ إليه بصلة في كتاب ، وتركه بين الأُمّة ؛ لخلّف ذلك ركوداً فكريّاً في أوساطها ، وانحسر كثير من المفاهيم والقيم الإسلامية عن ذهنيّتها ، وأوجب ضياع العلم