ربما يقال : بأنّ اعتماد ابن الوليد أو غيره من الأعلام المتقدّمين ، فضلاً عن المتأخّرين ، على رواية شخص والحكم بصحّتها لا يكشف عن وثاقة الراوي أو حسنه ، وذلك لاحتمال انّ الحاكم بالصحة يعتمد على أصالة العدالة ، ويرى حجّية كلّ رواية يرويها مؤمن لم يظهر منه فسق ، وهذا لا يفيد من يعتبر وثاقة الراوي أو حسنه في حجّية خبره. (١)
يلاحظ عليه : أنّ ما ذكره من الاحتمال لا يوافق ما نقله النجاشي عن ابن نوح ، فانّه قد اعترض على ابن الوليد في استثناء محمد بن عيسى بن عبيد حيث قال : لا أدري ما رابه فيه ـ أي ما هو السبب الذي أوقعه في الريب والشكّ فيه ـ لأنّه كان على ظاهر العدالة والثقة. والمتبادر من العبارة انّ الباقين ممّا قد أُحرزت عدالتهم ووثاقتهم ، لا أنّ عدالتهم كانت محرزة بأصالة العدالة.
وبذلك يظهر ضعف ما ذكره : « لعلّه كان يرى حجّية كلّ رواية يرويها مؤمن لم يظهر منه فسق » فانّ هذا الاحتمال لا يناسب تلك العبارة.
والذي يدلّ على أنّ ابن الوليد أحرز وثاقة الباقين بدليل لا بالأصل ، ما ذكره الصدوق في موردين :
الأوّل : يقول الصدوق : كان شيخنا محمد بن الحسن لا يصحح خبر صلاة يوم غدير خم والثواب المذكور فيه لمن صامه ، ويقول : إنّه من طريق محمد بن موسى الهمداني وكان كذّاباً غير ثقة ، وكلّ ما لم يصحّحه ذلك الشيخ ـ قدس اللّه روحه ـ ولم يحكم بصحته من الأخبار فهو عندنا متروك غير صحيح. (٢)
__________________
١. معجم رجال الحديث : ١ / ٧٦ ؛ عيون أخبار الرضا عليهالسلام : ٢ / ٢١ ، ح ٤٥.
٢. الفقيه : ٢ / ٩٠ ، ذيل الحديث المرقم ١٨١٧ ، طبعة جماعة المدرسين ، قم.