إلى المدينة ، وأمر الوليد بن عتبة بن أبي سفيان بأخذ الحسين بالبيعة. فأرسل إليه ليلا ، وأقرأه كتاب يزيد وطلبه بالبيعة ، فقال : مثلي لا يبايع سرا ، فإذا كان في غد بايعت علانية. فلما هم بالخروج قال مروان بن الحكم للوليد ، وكان حاضرا معه في مجلسه لتدبير أمر بيعة يزيد : يا لها من غلطة ، ما رأيت لها مثلا. تترك الأمر مستقبلا ، وتطلبه مستدبرا؟ فقال له : فما ترى أنت؟ قال : تأخذه بالبيعة ، فإن أبي ضربت عنقه. فسمعه الحسين فسل سيفه ، وهم أن يضرب مروان ، ثم قال له : يا بن الزرقاء ، أمثلك يأمر بقتل مثلي؟ وكان الحسين قد دعا بمواليه وأهل بيته ، فأقعدهم على الباب حين دخل وقال لهم : إن ارتفع صوتي فاقتحموا علي الدار ، وإلا فمكانكم حتى أخرج إليكم. وحين خرج الحسين عن الوليد ارتحل من ليلته إلى مكة. وقيل : إنه ارتحل نهارا.
وكان عبد الله بن الزبير قد خرج من أول هذه الليلة إلى مكة هاربا بعدما اجتمع مع الحسين مخافة أن يؤخذ بالبيعة ليزيد ، وهرب معه أخوه جعفر بن الزبير. ومضيا على طريق «الفروغ» ، وهي طريق غير الجادة ، خوفا من الطلب ، فلم يقدر عليهما. فلما قدم الحسين مكة كتب إليه سليمان بن صرد الخزاعي (١) والمسيب بن نجبة الفزاري وغيرهما من رجال أبيه وشيعته من
__________________
(١) سليمان بن صرد ، أبو مطرف. روى عن رسول الله خمسة عشر حديثا. نزل الكوفة ، وكان خيرا فاضلا صاحب عبادة. وكان له قدر وشرف في قومه. قتل في رأس العين بالجزيرة سنة ٦٥ ، وهو ابن ثلاث وتسعين سنة ، وكان أميرا على الجيش.
تهذيب الأسماء : ١ / ٢٣٤