السفر ، ووحشة الطريق.
فبكى معاوية وقال : رحم الله أبا حسن ، كان والله كذلك ، فكيف حزنك عليه يا ضرار؟ قال : حزن من ديح واحد .. الطريق المستقيم ، مآقي لا ترقى لها دمعة ، ولا تنقضي لها حسرة.
قال المبرد : وحدث ابن عائشة (١) في إسناد ذكره أن عليا رحمه الله انتهى إليه أن خيلا لمعاوية وردت الأنبار ، فقتلوا عاملا له يقال له حسان بن حسان. فخرج مغضبا ، يجر ثوبه حتى أتى النخيلة ، واتبعه الناس ، فرقي رباوة من الأرض. فحمد الله وأثنى عليه ، وصلى على محمد نبيه صلىاللهعليهوسلم. ثم قال :
«أما بعد فأن الجهاد باب من أبواب الجنة ، فمن تركه رغبة عنه البسه الله الذل ، وسيما (٢) الخسف ، وديث بالصغار. وقد دعوتكم إلى حرب هؤلاء القوم ليلا ونهارا ، وسرا وإعلانا. وقلت لكم : اغزوهم من قبل أن يغزوكم. فوالذي نفسي بيده ما عزي قوم في عقر دارهم إلا ذلوا. فتخاذلتم وتواكلتم ، وثقل عليكم قولي ، واتخذ تموه وراءكم ظهريا حتى شنت عليكم الغارات.
__________________
(١) ابن عائشة : هو عبد الله بن حفص بن عمر التيمي .. نسب إلى عائشة بنت طلحة. كان عالما بالعربية وأيام الناس. مات سنة ٢٢٨.
رغبة الأمل : ١ / ١٠٤
(٢) سيما : علامة للخير أو للشر.