عين نيزر والبغيبغة (١) ، فقال لي : (هل عندك من طعام؟). فقلت : طعام لا أرضاه لأمير المأمنين ، قرع من قرع الضيعة بإهالة سنخة (٢). فقال : (علي به). فقام إلى الربيع ، وهو جدول ، فغسل يده ، ثم أصاب من ذلك شيئا ، ثم رجع إلى الربيع فغسل يديه بالرمل حتى أنقاهما ، ثم ضم (يديه) (٣) كل واحدة منهما إلى أختها ، وشرب بهما حسا (٤) من الربيع ثم قال : (يا أبا نيزر ، إن الأكف أنظف الآنية). ثم مسح ندى ذلك الماء على بطنه ، وقال : (من أدخله بطنه النار فأبعده الله). ثم أخذ المعمول وانحدر في العين فجعل يضرب ، وأبطأ عليه الماء ، فخرج وقد تفضج (٥) جبينه عرقا. فانتكف العرق عن جبينه ، ثم أخذ المعول وعاد إلى العين ، فأقبل يضرب فيها ، وجعل يهمهم ، فأنثالث كأنها عنق جزور ، فخرج مسرعا. فقال : (أشهد (الله) أنها صدقه. علي بدواة وصحيفة). قال : فعجلت بهما ، فكتب : (بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما تصدق به عبد الله علي أمير المؤمنين. تصدق بالضيعتين
__________________
(١) ضيعتان لعلي بن أبي طالب. روى يونس أن أبا نيزر الذي تنسب إليه العين هو مولى علي (رضي) ، وكان ابنا النجاشي ، اشتراه علي من تاجر في مكة وأعتقه مكافأة بما صنع أبوه مع المسلمين المهاجرين. رووا أن عليا أوصى بهما لمواليه وذا غلط لأنه وقف الضيعتين لسنتين من خلافته كما جاء في المتن.
(٢) الإهالة : ما أذيب من الشحم والألية أو هي كل دهن يؤتدم به. سنخة : متغيرة الريح.
(٣) الاضافة من معجم البلدان في (عين أبي نيزر) ، وانظر تفصيل الحكاية فيه.
(٤) حسا : مفردها حسوة وهي الشربة مل ء الفم.
(٥) في معجم البلدان : تنضخ. وربما جازت : تفضخ.