وبويع لعلي ، رضي الله عنه ، بالخلافة يوم قتل عثمان ، رحمه الله ، واجتمع على بيعته المهاجرون والأنصار ، وتخلف عن بيعته منهم نفر ، فلم يهجهم ، ولم يكرههم. وسئل عنهم ، فقال : (أولئك قوم قعدوا عن الحق ولم يقوموا مع الباطل). وفي رواية اخرى : (أولئك قوم خذلوا الحق ، ولم يبصروا الباطل).
وتخلف عن بيعته أيضا معاوية ومن معه في جماعة أهل الشام. فكان منهم في صفين بعد الجمل ما قد كان تغمد الله جميعهم بالغفران.
وقتل مع علي في صفين أبو اليقظان عمار بن ياسر بن عامر بن مالك ابن كنانة بن قيس بن الحصين بن لوذين. ويقال : لوذيم : بن ثعلبة بن عوف بن حارثة بن عامر بن يام بن عنس العنسي المذحجي. وعنس بالنون أخو مراد ، وأبوهما مالك بن أدد ، وهو جماع مذحج. وكان ياسر أبو عمار قدم مكة من اليمن. فخالف أبا حذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. فزوجه أبو حذيفة أمة له يقال لها سمية بنت خياط ، فولدت له عمارا ، فأعتقه أبو حذيفة. فمن ها هنا هو عمار مولى لبني مخزوم ، وأبوه عربي كما ذكر.
وكان عمار وأمه سمية وأبوه ياسر ممن عذب في الله. ثم أعطاهم عمار ما أرادوا بلسانه. واطمأن بالإيمان قلبه ، فنزلت فيه : (إلا من أكره ، وقلبه مطمئن بالإيمان) (١). وهذا مما اجتمع عليه أهل التفسير. وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يمر بهم ، وهم يعذبون ، فيقول لهم : (صبرا يا آل ياسر ، صبرا
__________________
(١) سورة الأنعام : / ٦ الآية : ١٢٢.