وقد بقيت منه أيام ، فلما نظر إلى قال لي : يا سالم ، هل صمت في هذا الشهر شَيْئاً؟ قلت : لا والله يا بن رسول الله ، فقال لي : فقد فاتك من الثواب مالم يعلم مبلغه إِلاّ الله عز وجل. إن هذا شهر قد فضّله الله وعظّم حرمته وأوجب للصائمين فيه كرامته. قال : فقلت له : يا أبن رسول الله ، فإن صمت مما بقي منه شَيْئاً هل أنا أفوز ببعض ثواب الصائمين فيه؟ فقال : يا سالم ، مَنْ صام يوماً من آخر هذا الشهر كان ذلك أمانا من شدة سكرات الموت ، وأمانا له من هول المطلع وعذاب القبر ، ومن صام يومين من آخر الشهر كان له بذلك جوازاً على الصّراط ، ومن صام ثلاثة أيام من آخر هذا الشهر أمن من يوم الفزع الأكبر من أهواله وشدائده ، وأعطي براءة من النار (١).
واعلم أنه قد ورد لصوم شهر رجب فضل كثير ، ورُوي أنّ من لم يقدر على ذلك يسبّح الله في كل يوم مائة مرة بهذا التسبيح لينال أجر الصيام فيه :
سُبْحانَ الاِله الجَلِيلِ سُبْحانَ مَنْ لايَنْبَغِي التَّسْبِيحَ إِلاّ لَهُ سُبْحانَ الاَعَزِّ الاَكْرَمِ سُبْحانَ مَنْ لَبِسَ العِزُّ وَهُوَ لَهُ أَهْلٌ (٢).
وأَمّا أعماله فقسمان :
القسم الأوّل : الأعمال العامة التي تؤدى في جميع الشهر ولاتخص أياماً معينة منه وهي أُمور :
الأول : أن يدعو في كل يوم من رجب بهذا الدعاء الذي روي أنّ الإمام زين العابدين صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ دعا به في الحِجْر في غُرّة رَجَبْ :
يا مَنْ يَمْلِكُ حَوائِجَ السَّائِلِينَ وَيَعْلَمُ ضَمِيرَ الصَّامِتِينَ لِكُلِّ مَسْأَلَةٍ مِنْكَ سَمْعٌ حاضِرٌ وَجَوابٌ عَتِيدٌ ، اللّهُمَّ وَمَواعِيدُكَ الصَّادِقَةُ وَأَيادِيكَ الفاضِلَةُ وَرَحْمَتُكَ الواسِعَةُ ، فَأَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَقْضِيَ حَوائِجِي لِلْدُنْيا وَالآخرةِ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيٍْ قَدِيرٌ (٣) (٤).
_________________
١ ـ زاد المعاد : ٥.
٢ ـ زاد المعاد : ٨.
٣ ـ إنّك على كلّ شيء قدير : نسخة.
٤ ـ رواه ابن طاووس في الاقبال ٣ / ٢٠٨ والمجلسي في زاد المعاد : ٨.