الكفار ، فوثب الكفار عليه ليلاً ، وكانت ليلة ظلماء دامسة والمسلمون نيام ، ولم يك فيهم يقظان سوى زيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة وقتادة بن نعمان وقيس بن عاصم المنقري وكل منهم يقظان في جانب من جوانب العسكر يصلّي الصلاة أو يتلو القرآن ، وكاد المسلمون ان يهلكوا لأنهم في الظلام لا يبصرون أعداءهم ليتّقوهم ، وإذا بأضواء تسطع من أفواه هؤلاء النفر الأَرْبعة تضيء معسكر المسلمين فتورثهم القوة والشجاعة ، فوضعوا السيوف على الكفار فصاروا بين قتيل أو جريح أو أسير ؛ فلما رجعوا قصّوا على النبي صلىاللهعليهوآله ما كان فقال صلىاللهعليهوآله : إنّ هذه الأنوار قد كانت لما عمله إخوانكم هؤلاء من أعمال في غرّة شعبان ثم حدّثهم بتلك الأعمال واحداً فو احداً إلى أن قال : إنّ إبليس إذا كان أوّل يوم من شعبان يبثّ جنوده في أقطار الأَرْض وآفاقها يقول لهم : اجتهدوا فياجتذاب بعض عباد الله إليكم في هذا اليوم ، وإنّ الله عزَّ وجلَّ يبث ملائكته في أقطار الأَرْض وآفاقها يقول لهم : سدّدوا عبادي وأرشدوهم وكلّهم يسعد إلاّ من أبى وطغى فإنه يصير في حزب إبليس وجنوده ، وإنّ الله عز وجل إذا كان أول يوم من شعبان يأمر باب الجنة فتفتح ويأمر شجرة طوبى فتدني أغصانها من هذه الدنيا ، ثم ينادي منادي ربنا عز وجل : يا عباد الله ، هذه أغصان شجرة طوبى فتعلّقوا بها لترفعكم إلى الجنة ، وهذه أغصان شجرة الزقوم فإيّاكم وإيّاها لاتؤديكم إلى الجحيم.
قال : فوالذي بعثني بالحق نبيا إنّ من تعاطى باباً من الخير في هذا اليوم فقد تعلّق بغصن من أغصان شجرة طوبى فهو مؤدّيه إلى الجنة ، وإنّ من تعاطى باباً من الشر في هذا اليوم فقد تعلّق بغصن من أغصان شجرة الزقّوم فهو مؤدّيه إلى النار.
ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : فمن تطوّع لله بصلاة في هذا اليوم فقد تعلق منه بغصن ، ومن صام في هذا اليوم تعلّق منه بغصن ، ومن أصلح بين المر وزوجه ، والوالد وولده ، والقريب وقريبه والجار وجاره ، والأجنبي والأجنبي ، فقد تعلّق منه بغصن ، ومن خفّف عن مُعسرٍ دَينه أو حطّ عنه فقد تعلّق منه بغصن ، ومن نظر في حسابه فرأى دَينا عتيقاً قد آيس منه صاحبه فأدَّاه فقد تعلق منه بغصن ، ومن كفل يتيما فقد تعلّق منه بغصن ، ومن كفّ سفيها عن عرض مؤمن فقد تعلّق منه بغصن ، ومن تلا القرآن أو شيئاً منه فقد تعلّق منه بغصن ، ومن قعد يذكر الله ونعماءه ليشكره فقد تعلّق منه بغصن ، ومن عاد مريضا فقد تعلّق منه بغصن ، ومن بَرَّ فيه والديه أو أحدهما في هذا اليوم فقد تعلّق منه بغصن ، ومن كان أسخطهما قبل هذا اليوم فأرضاهما في هذا اليوم فقد تعلق منه بغصن ، وكذلك