دعوه.
أيّها الناس : إنَّ أنفسكم مرهونة بأعمالكم ففكوها باستغفاركم ، وظهوركُم ثقيلة مِن اوزاركُم فخفّفوا عنها بطولِ سجودكُم ، واعلموا أنّ الله تعالى ذِكرَه اقسم بعزّته أن لايعذّب المصلّين والسّاجدينَ ، وأن لايروعهم بالنّار يَوم يقوم النّاس لرب العالمين.
أيهّا النّاس : مَن فطَّر منكم صائماً مؤمناً في هذا الشّهر كانَ لَهُ بذلِكَ عِندَ الله عتق رقبة ومغفرة لما مضى مِن ذنوبهِ. قيل : يا رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ولَيسَ كلّنا يقدر على ذلِكَ ، فقالَ صلىاللهعليهوآله : اتقوا النّار ولو بشقّ تمرة ، اتقوا النّار ولو بشربة مِن ماء ، فإنّ الله تعالى يهب ذلِكَ الاجر لمن عمل هذا اليسير إذا لَمْ يقدر على أكثر مِنهُ (١).
يا أيهّا النّاس : مَن حسّن منكم في هذا الشّهر خُلقه كانَ لَهُ جواز على الصراط يَوم تزلُّ فيهِ الاقَدْام ، ومَن خفّف في هذا الشّهر عما ملكت يمينه خفّف الله عَليهِ حسابه ، ومَن كفّ فيهِ شرّه كفّ الله عَنهُ غضبه يَوم يلقاه ، ومَن أكرم فيهِ يتيماً أكرمه الله يَوم يلقاه ، ومَن وصلَ فيه رَحِمَه وصله الله برحمته يَوم يلقاه ومَن قطع فيهِ رَحمه قطع الله عَنهُ رحمته يَوم يلقاه ، ومَن تطّوع فيهِ بصلاة كتبَ لَهُ براءة مِن النّار ومَن ادّى فيهِ فرضاً كان لَهُ ثواب مَن أدى سبعينَ فريضة فيما سواه مِن الشهّور ، ومَن أكثر فيهِ من الصلاة عليّ ثقل الله ميزانه يَوم تخف الموازينَ ، ومَن تلا فيهِ آية مِن القرآن كانَ لَهُ مثل أجر مَن ختم القُران في غَيرَه مِن الشهور.
أيها النّاس ، إنّ أبواب الجنان في هذا الشّهر مفتحة فسلوا ربّكم أن لايغلقها عَلَيكُم ، وأبواب النيران مغلقة فسلُوا ربّكم أن لايفتحها عَلَيكم والشيّاطين مغلولة فسلوا ربّكم أن لايسلّطها عَلَيكُم .... الخ (٢). وروى الصّدوق رض : أن النبي صلىاللهعليهوآله كان إِذا دخل شَهر رَمَضان فكّ كلّ أسير وأعطى كلّ سائل (٣).
أقول : شَهر رَمَضان هُوَ شَهر الله ربّ العالمين ، وهُوَ أشرف الشّهور شَهر يفتح فيهِ أبواب السماء وأبواب الجنان وأبواب الرَّحمَة ، ويغلق فيهِ أبواب جهنّم. وفي هذا الشّهر لَيلَة تكون عبادة الله فيها خَيراً مِن عبادته في ألف شَهر. فانتبه فيهِ لنفسكَ وتبصر كيف تقضي فيهِ ليلكَ ونهاركَ؟ وكيف تصون جوارحكَ وأعضاءكَ عَن معاصي ربّكَ؟ وإيّاكَ وأن تكون في ليلتكَ مِن النائِمين
_________________
١ ـ ليس في امالي الصدوق من : «فإنّ الله تعالى يهب ـ إذا لم يقدر على أكثر منه» نعم موجود في زاد المعاد للمجلسي : ٨٨.
٢ ـ رواه الصدوق في الامالي في المجلس ٢٠ ح ٤.
٣ ـ أمالي الصدوق في المجلس ١٤ ح ٣.