فعدنا إلى ماكنّا عليه لاتمام الزيارة والصلاة وقراءة القرآن (١).
وحكى الشيخ المفيد قال : خرج الرشيد يوماً من الكوفة للصيد فصار إلى ناحية الغريين والثّويّة (٢) فرأى هناك ظبأً فأمر بإرسال الصقور والكلاب المعلمة عليها فحاولتها ساعة ثم لجأت الظِّباء إلى أكمة فتراجعت الصقور والكلاب عنها فتعجّب الرشيد من ذلك. ثم إن الظباء هبطت من الأكمة فسقطت الطيور والكلاب عليها فرجعت الظّباء إلى الأكمة فتراجعت الصقور والكلاب عنها مرّة ثانية ثم فعلت ذلك مرة أخرى ، فقال الرشيد : أركضوا إلى الكوفة فأتوا بأكبرها سنّا ، فأُتي بشيخ من بني أسد فقال الرشيد : أخبرني ما هذه الأكمة فقال : وهل أنا آمن إذا أجبت السؤال؟ فقال الرشيد : عاهدت الله على أن لا أؤذيك. فقال : حدثنيأبي عن آبائه أنّهم كانوا يقولون إن هذه الأكمة قبر عليّ بن أبي طالب صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ ، جعله الله حرما آمنا يأمن من لجأ إليه (٣).
أقول : من أمثال العرب السائرة : (أحمى من مجير الجراد) ، وقصّة المثال أنّ رجلاً من أهل البادية من قبيلة طي يسمّى مُدْلج بن سويد كان ذات يوم في خيمة فإذا هو بقوم من طيء ومعهم أوعيتهم فقال : ماخطبكم؟ قالوا : جراد وقع في فنائك فجئنا لنأخذه. فلما سمع مدلج ذلك ركب فرسه وأخذ رمحه. وقال : أيكون الجراد في جواري ثم تريدون أخذه؟ لا يكون ذلك. فما زال يحرسه حتى حميت الشمس عليه وطار فقال شأنكم الان تحوّل عن جواري (٤).
وقال صاحب (القاموس) : إن ذا الأعواد لقب رجل شريف جداً من العرب قيل هو جدّ أكثم بن الصيفي كانت قبيلة مضر تجبي إليه الخراج ، فلما هرم وبلغ الكبر كان يحمل على سرير فيطاف به بين قبائل العرب ومياهها فيجبى له ، وكان شريفاً مكرَّماً ما لجأ إلى سريره خائف إِلاّ أمِنَ ومادناً من سريره ذليل إِلاّ عزّ وما أتاه جائع إِلاّ شبع (٥) انتهى. فإذا كان سرير رجل من العرب يبلغ من العزة والرفعة هذا المبلغ فلا غرو إذا جعل الله تعالى قبر وليه الذي كان حملة سريره هم جبرائيل وميكائيل عليهالسلام والإمام الحسن عليهالسلام والإمام الحسين عليهالسلام معقلاً للخائفين وملجأ للهاربين وغوثاً للمضطرين وشفاءً للمرضى. فاجتهد أينما كنت لبلوغ قبره الشريف والتصق به ماأمكنك ذلك. وألح في الدعاء كي يغيثك عليهالسلام وينجيك من الهلاك في الدنيا والآخِرة.
_________________
١ ـ فرحة الغري لابن طاووس : ١٤١.
٢ ـ الثويّة : موضع قريب من الكوفة.
٣ ـ الارشاد ١ / ٢٦ وفيه اضافات.
٤ ـ مجمع الآداب لابن الفوطي ٤ / ٥٦٧ برقم ٤٤٦٨.
٥ ـ ترتيب القاموس ٣ / ٣٣٩ في مادة «عود».