بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة التحقيق
الحمد لله الذي جعل الحمد مفتاحاً لذكره وسبباً للمزيد من فضله ، ودليلاً على آلائه وعظمته ، والصلاة والسلام على خير خلقه وأفضل بريّته محمّد وآله الطيّبين الطاهرين الأئمّة الهداة المهديين. وبعد : فإنّ الله سبحانه وتعالي من وفور كرمه علّم الدعاء وندب إليه ، وألهم السؤال وحثّ عليه ، ورغّب في معاملته والإقدام عليه ، وجعل في مناجاته سبب النجاة ، وفي سؤال مقاليد العطايا ومفاتيح الهبات ، وجعل لإجابة الدعاء أسبابباً من خصوصيّات الدعوات ، وأصناف الداعين والحالات ، والأمكنة والأوقات.
تعريف الدعاء
الدعاء لغة : النداء والاستدعاء ، تقول : دعوت فلاناً إذا ناديته وصحت به.
واصطلاحاً : طلب الأدني للفعل من الأعلي علي جهة الخضوع والإستكانة.
في الحثّ علي الدعاء
ويبعث عليه العقل والنقل ؛ أمّا العقل :
فلأنّ دفع الضرر عن النفس مع القدرة عليه والتمكّن منه واجب ، وحصول الضرر ضروريّ الوقوع لكلّ إنسان في دار الدنيا ، كيف لا وهي في دار الجوادث التي لا تستقرّ علي حال ، فضررها إمّا حاصل واقع أو متوقّع الحصول ، وكلاهما يجب إزالته مع القدرة عليه ، والدعاء محصّل لذلك وهو مقدور فيجب المصير إليه.
وقد نبّه أمير المؤمنين عليهالسلام علي هذا المعني حيث قال : «ما مِن أحدٍ ابتلي وإن عظمت بلواه بأحقِّ بالدعاء من المعافي الذي لا يأمن البلاء» (١).
فكلّ إنسان يحتاج إلي الدعاء معافيِّ ومبتليِّ ، وفائدته دفع البلاء الحاصل ودفع السوء النازل ، أو جلب نفع مقصود أو تقرير خير موجود ، ودوامه ومنعه من الزوال ، لأنهم عليهمالسلام وصفوه بكونه سلاحاً ، والسلاح ممّا يستجلب به لانفع ويستدفع به الضرر ، وسمّوه أيضاً تُرساً ، والترس جُنّة يتوقّي بها المكاره.
قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ألا أدلّكم علي سلاحٍ ينجيكم من أعدائكم ويدرّ أرزاقكم؟ قالوا : بلي ، قال :
_________________
١ ـ من لا يحضره الفقيه ٤/٣٩٩ ح ٥٨٥٧ ؛ وعدّة الداعي : ٢٣.