وَرَحمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ اسْتَوْدِعُكَ الله وَأَقْرَأ عَلَيْكَ السَّلامَ آمَنَّا بِالله وَبِرَسُولِهِ وَبِما جِئْتَ بِهِ وَدَلَلْتَ عَلَيْهِ اللّهُمَّ اكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ. ثم سل إلى الله تعالى أن لا تكون هذه آخر عهدك من زيارتهم وأن توفق للعود وقبّل القبر وضع خدّيك عليه (١).
أقول : مما يناسب المقام قصة السعيد الصالح الصفي المتّقي الحاج علي البغدادي التي أوردها شيخنا في (جنّة المأوى) و (النجم الثاقب) وقال في كتاب (النجم الثاقب) إنّه لو لَم يكن في هذا الكتاب سوى هذه القصة المتقنة الصحيحة الحاوية على فوائد جمة الحادثة في عصرنا لكفاه شرفاً ونفساً ثم قال بعدما مهّده من المقدمات حكى الحاج علي أيّده الله قائلاً : تراكم في ذمّتي من سهم الإمام عليهالسلام من الخمس مبلغ ثمانين تومانا فرحلت إلى النجف الأشرف ودفعت منها إلى علم الهدى والتقى حضرة الشيخ مرتضى أعلى الله مقامه عشرين تومانا وإلى حضرة الشيخ محمد حسين المجتهد الكاظمي عشرين تومانا وإلى حضرة الشيخ محمد الشّروقي عشرين تومانا ولَم يبق عليّ سوى عشرين تومانا كنت أروم أن أقدمها إذا قفلت من النجف إلى الشيخ محمد حسن آل يَّس الكاظمي أيده الله. ووددت لمّا وافيت بغداد أن أبادر إلى أداء مااستمرّ علي من السهم فتوجهت إلى الكاظمية وكان اليوم الخميس فزرت الإمامين الهمامين الكاظمين عليهالسلام ثم وافيت حضرة الشيخ سلّمه الله فنقدته شطراً من العشرين تومانا وأوعدته بأن أؤدّي الباقي إذا بعت بعض البضائع بأن أبذله إلى مستحقه حسب ما يحيله عليّ بالتدريج ثم أزمعت على مغادرة الكاظمية ورفضت ماألح فيه حضرة الشيخ من البقاء معتذراً بأن عليّ أن أوفي عمال معمل النسيج أجورهم حسب ماقررت عليه من بذل أجر عمل الأسبوع في يوم الخميس عصراً فأخذت أسلك طريقي إلى بغداد فلما قاربت ثلث الطريق إذا أنا بسيد جليل من السادة يعرّج عليّ في طريقه إلى الكاظمية فدنا مني وسلم عليّ وبسط يده للمصافحة والمعانقة ورحب قائلاً أهلاً وسهلاً وضمّني إلى صدره وتلاثمنا وكان قد تعمّم بعمامة خضراء زاهرة وفي وجهه الشريف شامه كبيرة سوداء فتوقف وقال على خير أيُّها الحاج عليّ أين المقصد فأجبته قد زرت الكاظمين عليهماالسلام وأنا الان ماضٍ إلى بغداد فقال لي : عد إلى الكاظمين عليهماالسلام فهذه ليلة الجمعة. قلت : لا يسعني العود فأجاب ذلك في وسعك ، عد كي أشهد لك بأنك من الموالين لجدي أمير المؤمنين عليهالسلام ولنا ويشهد لك الشيخ فقد قال تعالى : (واستشهدوا شَهيدين) (٢) وكان هذا تلميحا إلى ما كنت أتوخاه من التماس الشيخ أن يمنحني رقعة أجعلها في كفني يشهد لي فيها بأنّي
_________________
١ ـ تهذيب الاحكام ٢ / ٩١ باب ٤٠.
٢ ـ البقرة : ٢ / ٢٨٢.