هذه المساكن (١). وروي أن أمير المؤمنين عليهالسلام مرّ على المدائن فلمّا رأى آثار كسرى قال رجل ممّن معه :
جَرَتِ الرِّياحُ عَلى رُسُومِ دِيارِهِم |
|
فَكَأَنَّهُمْ كانُوا عَلى مِيعادِ |
فقال عليهالسلام : أفلا قلت : (كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ وَنِعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ فَما بَكَتْ عَليْهِمْ السَّماءُ وَالأرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ) (٢). ثم قال عليهالسلام : إن هؤُلاءِ كانوا وارثين فأصبحوا موروثين لَم يشكروا النعمة فسلبوا دنياهم بالمعصية إياكم وكفر النعم لا تحل بكم النقم (٣).
الثانية : ان يزور حذيفة بن اليمان وهو من كبار صحابة رسول الله صلىاللهعليهوآله ومن خواص أصحاب أمير المؤمنين عليهالسلام وكان في الصحابة يمتاز بمعرفة المنافقين ومعرفة أسمائهم وكان الخليفة الثاني لا يصلي على جنازة لم يحضرها حذيفة بن اليمان وكان حذيفة واليا على المدائن سنين عديدة ثم عزله وأقرّ سلمان في مقامه فلما توفّي عاد حذيفة والياً (٤) على المدائن واستمرّ عليها حتى عادت الخلافة إلى أمير المؤمنين عليهالسلام فأصدر عليهالسلام من المدينة مرسومه الملكي إلى حذيفة وإلى أهل المدائن ينبي باستقرار الأمر له ويعيّن حذيفة واليا ولكن حذيفة مات في المدائن ودفن هناك قبلما يحل أمير المؤمنين عليهالسلام بجيشه بالكوفة بعد مغادرته المدينة إلى البصرة دفعاً لشر أصحاب الجمل (٥).
عن أبي حمزة الثمالي قال : دعا حذيفة بن اليماني ابنه عند موته فأوصى إليه وقال : يا بني أظهر اليأس عمّا في أيدي الناس فإنّ فيه الغنى ، وإيّاك وطلب الحاجات إلى الناس فإنه فقر حاضر ، وكن اليوم خيراً منك أمس وإذا أنت صلّيت فصلِّ صلاة مودّع للدنيا كأنّك لاترجع وإيّاك وما يعتذر منه (٦).
واعلم أن إلى جانب مرقد سلمان يقع المسجد الجامع للمدائن وهو منسوب إلى الإمام الحسن العسكري عليهالسلام ، ولم يعرف سبب النسبة فهل هو عليهالسلام قد أمر ببنائه أم أنّه صلى فيه ، فلا تجعل نفسك محروماً من فضيلة الصلاة فيه ركعتين.
_________________
١ ـ مستدرك الوسائل ٣ / ٤٨٨ عن ابن شاذان في الفضائل.
٢ ـ الدخان : ٤٤ / ٢٥ ـ ٢٩.
٣ ـ وقعة صفين لنصر بن مزاحم : ١٤٢.
٤ ـ البحار ٢٨ / ٨٧.
٥ ـ البحار ٢٨ / ٩٤.
٦ ـ أمالي الصدوق : ٤٠١ ، المجلس ٥٢ ، ح ١٢.