الثالث : روى عن محول السجستاني قال : لمّا ورد البريد بإشخاص الرضا عليهالسلام إلى خراسان دخل المسجد ليودع رسول الله صلىاللهعليهوآله فودّعه مراراً كل ذلك يرجع إلى القبر ويعلو صوته بالبكاء والنحيب فتقدمت إليه وسلمت عليه فرد السلام وهنأته فقال : زرني فإني أخرج من جوار جدي صلىاللهعليهوآله فأموت في غربة وأدفن في جنب هارون (١).
وروى الشيخ يوسف بن حاتم الشامي في كتاب (الدر النظيم) عن جمع من الأصحاب عن الرضا عليهالسلام قال : لما أردت الخروج من المدينة إلى خراسان جمعت عيالي فأمرتهم أن يبكوا عليّ حتى أسمع بكاءهم ، ثم فرّقت فيهم اثني عشر ألف دينار. ثم قلت لهم إنّي لا أرجع إلى عيالي أبداً ثم أخذت أبا جعفر الجواد فأدخلته المسجد ووضعت يده على حافة القبر وألصقته به واستحفظته برسول الله صلىاللهعليهوآله وأمرت جميع وكلائي وحشمي له بالسمع والطاعة وترك مخالفته وعرفتهم أنّه القيم مقامي (٢).
وروى السيد عبد الكريم ابن طاووس (رض) أنّه لما طلب المأمون الرضا عليهالسلام من المدينة إلى خراسان سار عليهالسلام من المدينة إلى البصرة ولم يذهب إلى الكوفة ثم توجه من البصرة إلى بغداد على طريق الكوفة ومن هناك إلى مدينة قم ودخل قم فاستقبله أهلها فتخاصموا في ضيافته كلّ يبغي أن يحل عليهالسلام داره فقال عليهالسلام إنّ جملي هو المأمون (أي إنّه عليهالسلام يحل حيثما برك الجمل) فأتى الجمل داراً واستناخ على بابه وكان صاحب الدار قد رأى في المنام في ليلته أنّ الرضا عليهالسلام سيكون ضيفه غداً فلم تمض مدة طويلة حتى صار ذلك الدار مقاما من المقامات الرفيعة وهو في عصرنا مدرسة معمورة (٣).
وروى الصدوق بسنده عن إسحاق بن راهويه قال : لما وافى أبو الحسن الرضا عليهالسلام نيسابور وأراد أن يرحل منها اجتمع إليه أصحاب الحديث فقالوا له يا بن رسول الله صلىاللهعليهوآله ترحل عنّا ولاتحدّثنا بحديث فنستفيده منك؟ وقد كان قعد في العمارية فأطلع رأسه وقال : سمعت أبي موسى بن جعفر يقول : سمعت أبي جعفر بن محمد يقول : سمعت أبي محمد بن علي يقول : سمعت أبي علي بن الحسين يقول : سمعت أبي الحسين بن علي يقول : سمعت أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عَليهِ الصَلاة وَالسَلام) يقول : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : سمعت جبرائيل يقول : سمعت الله عزَّ وجلَّ يقول : لا إِلهَ إِلاّ الله حِصْنِي فَمَنْ دَخَلَ حِصْنِي أمِنَ مِنْ عَذابِي ، فلما مرّت الراحلة نادانا : بشروطها وانا من
_________________
١ ـ البحار ٤٩ / ١١٧ ح ٣ من باب ١٠ عن عيون اخبار الرضا.
٢ ـ الدر النظيم لجمال الدين الشامي : ٦٧٨.
٣ ـ فرحة الغري : ١٠٥ في الباب الثامن.