وعن جامع الأخبار عن بعض أصحاب النبي صلىاللهعليهوآله قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله أهدوا لموتاكم فقلنا : يا رسول الله وما نهديه الأموات؟ قال الصدقة والدّعاء (١).
وقال إنّ أرواح المؤمنين تأتي كل جمعة إلى السماء الدنيا بحذاء دورهم وبيوتهم ينادي كل واحد منهم بصوت حزين باكين يا أهلي وياولدي ويا أبي ويا أمي وأقربائي اعطفوا علينا يرحمكم الله بالذي كان في أيدينا والويل والحساب علينا والمنفعة لغيرنا وينادي كل واحد منهم إلى أقربائه اعطفوا علينا بدرهم أو رغيف أو بكسوة يكسوكم الله من لباس الجنّة. ثم بكى النبي صلىاللهعليهوآله وبكينا معه فلم يستطع النبي صلىاللهعليهوآله أن يتكلّم من كثرة بكائه ثم قال صلىاللهعليهوآله : أولئك إخوانكم في الدّين فصاروا تراباً رميماً بعد السرور والنعيم فينادون بالويل والثبور على أنفسهم يقولون يا ويلنا لو أنفقنا ما كان في أيدينا في طاعة الله ورضائه ما كنّا نحتاج إليكم فيرجعون بحسرة وندامة وينادون أسرعوا صدقة الأموات (٢).
وروي عنه أيضاً قال : ماتصدّقت لميت فيأخذها ملك في طبق من نور ساطع ضوؤها يبلغ سبع سماوات ثم يقوم على شفير الخندق فينادي : السلام عليكم يا أهل القبور أهلكم أهدوا إليكم بهذه الهدية فيأخذها ويدخل بها في قبره توسّع عليه مضاجعه. فقال صلىاللهعليهوآله ألا من أعطف لميّت بصدقة فله عند الله من الاجر مثل أُحُد ويكون يوم القيامة في ظل عرش الله يوم لا ظل إِلاّ ظلّ العرش وحيّ وميت نجا بهذه الصدقة (٣).
وحكي أنّ وإلي خراسان شوهد في المنام وهو يقول : إبعثوا إلى ما تطرحونه إلى الكلاب فإني مفتقر إليه. واعلم أنّ لزيارة قبور المؤمنين أَجْراً جزيلاً وهي على مالها من جزيل الاجر ذات فوائد وآثار عظيمة فهي تورث العبرة والانتباه والزهد والاعراض عن الدنيا والرغبة في الآخِرة. وينبغي زيارة المقابر إذا اشتد السرور أو الغم فالعاقل من اتخذ المقابر عبرة ينزع بها حلاوة الدنيا من قلبه ويحوّل شهدها مراً في ذائقته وتفكر في فناء الدنيا وتقلّب أحواله واستحضر بالبال أنّه هو نفسه سيكون عمّا قريب مثلهم ويقصر يده عن الصالحات ويكون عبرة لغيره.
ولقد أجاد الشيخ النظامي في قوله :
_________________
١ ـ جامع الاخبار للسبزواري : ٤٨٢ برقم ١٣٤٧ / ٥.
٢ ـ جامع الاخبار : ٤٨٢ برقم ١٣٤٨ / ٦.
٣ ـ جامع الاخبار : ٤٨٢ برقم ١٣٤٩ / ٧.