الحاصلة بل هو عبارة عن الأعيان الثابتة القائمة بذاتها الواسطة بين الموجودات والمقدمات وعلمه بها حضورها عنده تعالى لا بصورها كعلم الشخص بنفسه فإنّه ليس بالصورة بل بحضوره عنده إذ ليس الشخص فاقدا لنفسه ومنها مذهب الحكماء وهو أنّ علمه تعالى إنما هو بالصور الحاصلة في العقل الأوّل وعلمه بالعقل الأوّل حضوري لأنّه حاضر عنده بغير صورة ومنها ما ذكره بعضهم من أنّ علمه بالأشياء زائد على ذاته ولا يلزم تركّب الواجب فإنّه إنّما يلزم ذلك إذا كان علمه بالأشياء في مرتبة الذّات وليس كذلك فإنّه ثابت بواسطة علمه بذاته فإن علمه بذاته حضوري وذاته علة جميع الآثار فيستلزم علمه بذاته علمه بجميع آثار ذاته أيضا والكل فاسد أمّا إجمالا فبالإجماع وأمّا تفصيلا فبأنّهم قد ذكروا أن الواجب الوجود بالذّات من جهة يجب أن يكون واجبا من جميع الجهات إذ لو كان فيه جهة ممكنة لكانت محتاجة إلى علة ينتهي إلى الواجب وقد ثبت ببرهان التوحيد أنّ الواجب لا يتعدّد فيجب أن يكون علّة تلك الجهة نفس الواجب فيلزم أن يكون الواجب فاعلا وقابلا من جهة واحدة إذ المفروض أنّ تلك الجهة مأخوذة في الواجب وإن فرضت فيه الجهتين لزم التركيب في الواجب من جهة الفعل وجهة القبول وهو محال وبهذا يظهر أنّ كل صفة أمكن وجودها في الواجب بالإمكان العام وجب ثبوتها له وكونها عين الذّات إذ لو كانت ممكنة بالإمكان الخاصّ لاحتاج ثبوتها للواجب إلى علّة هي نفس الواجب فيلزم تركب الواجب من جهتي الفعل والقبول وقد يقرر هكذا لو كان في الواجب جهة إمكان لاحتاج ثبوتها وعدم ثبوتها إلى علة إذ هو معنى الممكن فيجب أن يكون الواجب معلولا في بعض جهاته إمّا لنفسه وهو مستلزم لتقدّم الشيء على النّفس أو لغيره وهو يقتضي الخروج عن الوجوب وقد يقدر بأن جهة الإمكان إن كانت معتبرة في جهة الوجوب خرج جهة الوجوب إلى الإمكان وإلاّ فلا معنى لجواز ثبوته للواجب إذ لا يجوز التغيّر في الواجب وكيف كان ظهر لك بطلان الأقوال الأخر إذ الأوّل مستلزم للتّركيب والثّاني غير معقول إلى الواسطة بين الوجود والعدم والثالث مستلزم للنقص إذ لم يجعل العلم في مرتبة الذات مضافا إلى أنّ علم العقل الأوّل لا بدّ له من علة تنتهي إلى علم الواجب وكذا الرابع فإنّه جعل العلم في غير مرتبة الذات فهو مستلزم لأن يكون في مرتبة الذات ناقصا وهو باطل بإجماع الأنبياء وأهل الملل والعقلاء وإقرار الخصم وعلم مما ذكرنا بطلان ما استدلّ به الرازي من الوجوه الأربعة أمّا الأوّل فبأنّ كنه الذات مجهول ومفهوم الصّفات معلوم وكنه الذّات غير مفهوم الصّفات كما ذكرنا وأمّا الثّاني فبأنّ النزاع يرجع إلى أنّ الذات هل ينتزع منها الصّفة الفلانية أو لا وبه يعلم بطلان الثالث أيضا فإن مصاديق الصّفات واحدة وأمّا المفاهيم فمتغايرة