الحكم من قوله تعالى (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) كما أنّ تمهيد مسألة المعرّف في المنطق إنّما هو لاستنباط المجهولات التصوّرية من المعلومات التصوريّة مع أنّ مسائل المعرّف كلّها قضايا مثل أنّه يشترط أن يكون مساويا وأجلى ولا يجوز بالأعمّ وغير ذلك وحينئذ فلا يلزم أن يكون استنباط التصوّر من التّصديق كما ذكره المعترض فالأولى في الاعتراض أن يقال إنّه إن أريد التصديق بالماهيّات فلا يخرج بقيد الأحكام وإن أريد تصوّرها فليس ما مثل به قاعدة ممهّدة لاستنباط تصوّر الماهيات فإنّه مثل بالحقيقة الشرعية وهو فاسد فإنّ المبحوث عنه فيها إنّما هو أن الألفاظ المستعملة في المعاني المستحدثة الموضوعة لها في زمان المتشرّعة هل كانت موضوعة لها في زمان الشّارع أو لا ولا يخفى على امرئ أنّ المطلوب فيها التّصديق لا تصوّر الماهيّة فالحق أن القواعد الممهّدة لاستنباط الماهيات أي التّصديق بها داخلة في الأصول لصدق التعريف عليه ولا ضرر في دخولها فلنرجع إلى تحقيق المطلب فنقول قد خرج بالقواعد العلم بالجزئيّات وبالممهّدة ما لم يمهد أصلا كقاعدة الكل أعظم من الجزء وكل نار حارّة ونحو ذلك وو بقيد الاستنباط ما مهد للاستنباط كالمسائل الكلامية فإنّها مقصودة بذاتها لا للاستنباط شيء وبالأحكام المنطق إذ ليس ممهّدا لخصوص استنباط الأحكام لاستنباط التّصورات منه أيضا وبالشرعيّة العقليّة وبالفرعيّة الأصوليّة كذا ذكروا (أقول) ويرد على التّعريف أنّ مقتضاه عدم كون الأصول علما برأسه بل يكون تابعا لاعتبار المعتبرين إذ المراد بالتمهيد ليس تمهيد شخص خاصّ بل كلما مهده الشّخص للاستنباط يكون أصولا فلو ذكر شخص في كتابه جميع مسائل النحو والصّرف والبيان والمنطق وغير ذلك بقصد الاستنباط يجب أن يكون أصولا لا يقال إن المراد الممهّدة بتمهيد أئمة الفنّ لأنّا نقول المسائل والقواعد الأصوليّة تتزايد يوما فيوما ويظهر ذلك من اختلاف الكتب الأصولية في ذكر المسائل وأيضا يرد على التعريف وشموله للقواعد الفقهيّة مثل أنّ كل عقد يجب الوفاء به فإنّها قاعدة كلية مهدت لاستنباط الأحكام الشرعيّة وهي أنّ عقد المعاطاة يجب الوفاء به وهكذا سائر العقود فإن القاعدة عبارة عن قضية كليّة يستنبط منها أحكام جزئيّات موضوعها وسيجيء تحقيق المطلب عند ذكر الموضوع وهناك يعلم أنّ الأصول علم أو لا وهل له تعريف صحيح أو لا الثّالث في وجه المناسبة بينه وبين المعنى الإضافي وهو متوقّف على فهم المعنى الإضافي فنقول إنّه مركّب من المضاف والمضاف إليه والإضافة ولنتكلّم في كلّ منها أمّا الكلام في المضاف فنقول الأصول جمع أصل وهو في اللّغة عبارة عما يبتني عليه الشيء وفي اصطلاح الأصوليّين يطلق على الأمور الأربعة الدّليل والقاعدة والظاهر والاستصحاب وإطلاقه على كل واحد من هذه